للاعلان

Fri,29 Mar 2024

عثمان علام

فوانيس علام ..السلم الوظيفي والصعود للأسفل

فوانيس علام ..السلم الوظيفي والصعود للأسفل

الكاتب : سقراط |

05:20 pm 28/03/2023

| رأي

| 1338


أقرأ أيضا: نوفاك : روسيا ستخفض إنتاج النفط في الربع الثاني للحاق بدول "أوبك+" الأخرى

فوانيس علام ..السلم الوظيفي والصعود للأسفل 

 

حلقات يكتبها: سقراط (3)

لا جدال بأن الوظيفه الميري في بلادنا هي احد اهم الثقافات الاجتماعيه المتجذره في وجدان هذا الشعب . 
عرفت مصر نظام الداووين ونهلت بيروقراطيه الاوراق والمستندات من العهد العثماني . وجاءت ثوره يوليو ٥٢ لتفتح عصرا جديدا للوظيفه وشكلها وجعلتها من الحقوق الاجتماعيه وذلك بغيه تحقيق العداله الاجتماعيه وتحقيق حاله من الرضا بين افراد الشعب بعد عصور من الاستبداد الملكي . 

وبدأت عمليه التعيين للشباب والعمال عن طريق القوي العامله وبدء كاهل الحكومات المتعاقبه ينوء بتكلفه اعداد الموظفين الهائله ، وتدريجيا اصبحت الوظيفه مثارا للسخريه والتعجب عندما تجد خريج الهندسه يعمل مدرسا وخريج الزراعه يعمل حديقه الحيوان . 

وعلي الرغم من هذه المتناقضات فقد قبلها ابناء هذا الجيل وارتضو بأجرها الضئيل رغبه في تحقيق الاستقرار وضمان عائد مادي ثابت . 

ولا تجد في اي مكان في عالمنا طبيعه العمل الوظيفي المصري تحديدا . فتجد ان الموظف محصن ضد كل عوامل التغير او حتي جوده العمل او المستوي الذي يؤدي به عمله وذلك في ظل وجود غابه من القوانين والتشريعات التي تحد من اي فقد للموظف لوظيفته الا في حالات نادره . 

ادت كافه هذه العوامل الي وجود حاله من التراخي وعدم الرغبه في التطوير لكل من المؤسسه ذاتها والموظف . فالمؤسسه متخمه بالاعداد التي لا تؤدي عملا حقيقيا ولا تستطيع ان تتخذ قرارات تصحيحيه والموظف آمن من كل حساب وانتشرت مقوله اعمل او لا تعمل  لافرق فالجميع في النهايه يتقاضي نفس الاجر ، الامر الذي اشاع جو من الاحباط والجمود في معظم المصالح الحكوميه. 

وحتي عقدين سابقين من الزمن كان قطاع البترول يتميز بعدم معاناته بشكل سافر من هذه المشكله .حيث بدء القطاع علي اكتاف الخبرات الاجنبيه في الشركاتً العتيده في هذا المجال والتي كانت تطبق الي حد بعيد المعايير الصحيحه لشغل الوظائف واصطبغ العمل بالقطاع  بنظام العمل في الشركات الاجنبيه وهو ما كان له اثر كبير في تخريج وتفريخ  قيادات وخبرات ذات شأن لا ينساها العاملين بهذا القطاع حتي الأن . 

ورويدا بدأت اساليب العمل وظروفه تتغير وجرت في نهر المجتمع احداثا كثيره السياسي منها والاجتماعي وخاصه في ظل امتداد حكم مبارك لأكثر من ثلاثين عاما متواصله. وبدأت اعداد العاملين في هذا القطاع تتضخم تدريجيا في ظل سياسات مختلفه علي مر العديد من الوزراء الذين تقلدو قيادة هذا القطاع . 

فمنهم من منح سلطه التعيين للشركات فحدث ولا حرج وتم استغلال هذا التفويض بشكل سافر في المجامالات العائليه والمجتمعيه ومنهم من منعها وهكذا .ثم بدأت  سياسات التوسع الافقي لنظام وشركات قطاع  البترول كتوجه سياسي في ذلك الوقت وخاصه في الفتره من ٩٩ وحتي ٢٠١١ الامر الذي حدا بتأسيس العديد من الشركات الخدميه والانتاجيه اي كانت اقتصاديات تشغيلها علاوه علي ظهور  نشاط البتروكيماويات والقيمه المضافه والتي استوعبت الاف من العمال والموظفين . 

وعند هذا الحد فأن سفينه القطاع كانت تبحر في مياه هادئه الي حد ما  . ولكن ظل العامل الرئيسي المؤثر في نشاط هذا القطاع الذي لم يؤخذ جديا في الاعتبار عبر تلك العقود من الزمن هو ان البترول والغاز ثروه ناضبه مهما كانت الكميات والاحتياطيات وان الانتاج مهما كان كبيرا فهو متناقص وان تكلفه الانتاج تزيد بتقادم تلك الاحتياطيات وقربها من حاله النضوب . فنجد ان معدلات الانتاج تهبط وهو تصرف طبيعي متعارف عليه هندسيا وفنيا بينما تجد تكلفه الانتاج والعماله في زياده مطرده نتيجه عوامل السوق واسعار  الخامات ومعدات التشغيل المتزايده والقوانين المرتبطه بتكلفه العماله وحقوقها الماديه والعينيه. 

وتظهر المشاكل الناجمه عن تلك الظروف كنتيجه طبيعيه لاتساع الفجوه بين التكلفه والعائد وهي مشكله لا يختص بها قطاع دون غيره وانما هي امر اقتصادي طبيعي يظهر في تلك الحالات علي اختلاف نوع النشاط. 

وتمثل هذه المشكله ايضا عقبه رئيسيه مع الراغبين في الاستثمار الجاد ، حيث تكون اهم ملاحظاته هي تكلفه العماله الحاليه وكيفيه التعامل معها . 

وعموما فأن الامر يتم التعامل معه بنجاح حتي الأن وتظهر شركات القطاع تكاتفا بعضها مع بعض قلما تجده في قطاعات اخري لأستيعاب الاعداد الزائده من هنا او هناك وبدون حدوث ايه تأثيرات دراميه علي فئه او جماعه. 

وعلي الرغم من تلك الصعوبات وعلي جديه واهميه هذه المشكله تحديدا والتي ستزيد حدتها عاما بعد اخر نتيجه للظروف التي سبق سردها فأنك لا تجد تفاعلا واضحا من ابناء هذا القطاع وخاصة من هم حديثي العهد به لتفهم هذه المشكله الحقيقيه . 

حيث تجد ان نفس التوجهات العتيقه مازالت تسكن الرؤوس والوجدان وان عمليه التسلسل الوظيفي قد اصبحت شاغلا وهاجسا بدون وجود ما يدل علي استحقاقها . اصبح السعي للحصول علي مسمي وظيفي رنان هو الغايه وليس الوسيله لزياده كفاءه العمل . 

وللأسف اصبحت المسميات الوظيفيه ذات الشأن الكبير في ازمنه سابقه لا تمثل حاليا سوي صاحبها وبدون اي جدوي او مردود سوي زياده ضئيله في العائد المادي لحاملها . واصبح صعود السلم الوظيفي كمن يصعد للهاويه فلا هدف ولا اضافه. 


لا يمكن انكار ان هناك محاولات لتعديل هذا المسار قدر الامكان ولكن هناك موروثات اداريه ضخمه مازالت تقف ضد اي تطوير فلا يمكن العمل بلوائح منذ عام ٩٩ وحتي الأن . فعدد العاملين حاليا يمثل اكثر من ضعف العدد عند اصدار تلك اللوائح . ايضا ما كان يمكن قبوله في تلك الاعوام لا يمكن قبوله او سريانه حاليا 

موجبات الوظيفه ومدة البقاء فيها  ومعاييرها واجبه التغيير مع الزمن ايضا اختلف اسلوب التقييم والاداره فعناصر جديده قد طرأت علي الزمن الحالي جعلت عدم المعرفه بالعديد من مستحدثات التكنولوجيا والبرامج الفنيه والعلوم المساعده هو نوع من الاميه الوظيفيه. 

نؤمن تماما بأن اغلب العاملين في  هذا القطاع وهم نخبه علي اي حال لديهم قدرات جيده يمكن توظيفها  بالعديد من القرارات التصحيحيه التي تأخرت كثيرا تطور لوائح عتيقه يجب اعاده صياغتها وتغيير معايير التقييم بها وتحديد السنوات المناسبه لاكتساب خبره كل درجه وظيفيه بعيدا عن اصدار تقارير تقييم روتينيه لا تعبر عن اي مضمون و لتعطي كل ذي حق ما يستحق وتكشف عن التميز الحقيقي ، والاهم ان تخفف من وتيره التسلسل الوظيفي الحالي حتي يكتمل النضج الوظيفي للعامل في درجته قبل ان يتجه لأعلي وبعد اجرء اختبار فني شفاف بين الجميع يجب فيه علي المتقدم له ان يتخطاه ايمانا بحق القطاع والمجتمع في ان يكون قياده واعيه متعلمه تملك من الكفاءه ما يؤهلها  لتحمل المسئوليه. 

لن انسي هنا مقوله احد القيادات الاجنبيه بأحدي الشركات منذ اعوام طويله عندما قال اذا اردت القضاء علي موظف ما فأجعله مديرا قبل اوانه!! 

اذا فالعمل وخطوات التدرج في سلم الترقي له قواعده التي لا تختلف من شعب الي شعب اخر ويجب ان تكون  مسئوليه جسيمه يقدر عليها من يتحملها لا ان تكون لقب شرفي يصلح للمناسبات الاجتماعيه فقط .  

وعلاوة علي ذلك و لخطوره هذا الواقع  فانه يجب علينا ايضا ادراك بأن حده هذه المشكلة ستزداد بتقاعد العديد من القيادات التاريخيه و الصف التالي لها والتي كان لها ولهم باع فني واداري ممتد في العديد من الجهات وتأثرو وتعلمو في العصر الذهبي لحركه النشاط البترولي المكثف في تسعينات هذا القرن وبدايات القرن الحالي في شركات دوليه وعالميه ذات اسماء كبيره لها نظمها وقواعدها ومدارس العمل الخاصه بها .حيث تخرج هذه القيادات تباعا وحتي عام ٢٠٣٠ مما سيحدث فراغا يجب سده بوجود قيادات علي قدر من العلم والخبره وايضا الكاريزما والتي باتت للأسف مفقوده الي حد بعيد . 

فالاداره وان كانت وظيفه ولكنها فن وعلم وثقافه وخبرات متراكمه وامكانيات شخصيه محدده ولازمه  . كل هذا يجب اولا اكتشافه ثم العمل علي تنميته بأساليب العصر الحالي  في ظل قواعد اداريه حاكمه ومتطوره وتبتعد عن القوالب الجامده . 

وفي النهايه اوجه نصحيتي لقيادات المستقبل . اعمل علي تنميه نفسك بالقراءه والعلم واللغه ، اكتسب خبرات من الاخرين مهما كانت بسيطه وفي كل المجالات ، ولا تهتم بغير ذلك فهذا هو رصيدك الحقيقي في الحياه . 

لا تسع لمنصب او درجه اعلي اجعلها هي من تبحث عنك عندما تكون انت جاهز لها علميا ونفسيا ، وهذا هو الاهم ولا تقلق فأن رائحه البخور الجيد يشتمه الجميع ويثني عليه ويبحث عن مصدره وعندما تصل الي هذه المرحله سيعرفك الجميع بدون جهد منك سوي جهدك علي نفسك فقط الذي انت مطالب به . اسع لتحقيق هدف يقترن بأسمك مثلما اقترنت مشاريع وقرارات بأسماء من العظماء السابقين علينا . 

غير ذلك فأعلم انك تصعد السلم لأسفل فلا انت افدت ولا استفدت . ورمضان كريم عليكم جميعا . 

#سقراط #حكاوي_علام

أقرأ أيضا: انبي بطل العرب لتنس الطاوله للمره الثانية على التوالي

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟