للاعلان

Thu,02 May 2024

عثمان علام

فوانيس علام…رمضان جانا ..وبيان المفتي

فوانيس علام…رمضان جانا ..وبيان المفتي

الكاتب : سقراط |

04:35 pm 12/03/2024

| رأي

| 210


أقرأ أيضا: عاجل: إيجاس تتعاقد مع هوج النرويجية لاستئجار الوحدة العائمة هوج جاليون

فوانيس علام…رمضان جانا ..وبيان المفتي 

 

خيمت الحرب العالمية الثانية علي بلاد العالم في اوائل الأربعينات من القرن السابق . انحسرت فيها فرص العمل والارزاق وتوقف كثير من الصناع والتجار عن اعمالهم ،فقد كانت الحرب تأخذ في طريقاً اي نشاط الي غياهب الخراب والخسارة . وبالطبع تأثر الفنانون في تلك المرحلة واغلقت الكثير من كازينوهات وعوامات روض الفرج ووسط البلد وذلك لقلة المال عند السميعة وعاني الكثير منهم من بطالة كبيرة . في تلك الاجواء العصيبة كان الاستاذ حسين طنطاوي قام بتأليف قصدة (رمضان جانا) التي نسمعها حالياً وتصدح من عشرات السنوات في كل مكان وخاصة قبل حلول الشهر وفي الايام الاولى منه . 
————
ذهب بها الي الاذاعة وكانت هي الجهة الوحيدة التي تعمل و اقترحت لجنة الاذاعة ان يغني القصيدة المطرب (محمد عبد المطلب) بعدما رفضو  (احمد عبد القادر) لادائها حيث كان هو صاحب اغنية ( وحوي يا وحوي ) وكان مطلوب التنوع في الاداء والاصوات . واستقر الرأي علي ( محمد عبد المطلب) ولحنها له الاستاذ محمود الشريف انذاك. واذيعت لأول م في ٢ رمضان (سبتمبر ١٩٤٣ ) من راديو الاذاعة اللاسلكية المصرية .  


وجدت الاغنية صدى هائل في المجتمع المصري واصبحت تمثل منشوراً رسمياً بقدوم الشهر الكريم بل واعتبرها البعض انها اهم من بيان المفتي ذاته . 


دخلت عليها بعض التعديلات وحذفت منها مقاطع تذكر فيها أضاءة الشموع والقناديل بعد ان دخلت الكهرباء عموم البلاد . لم يصدق (عبد المطلب) الذي كان في هذا الوقت شبه مغمور هذا النجاح الساحق بصوته الشعبي ذو النبره المصرية القديمة واصبح يردد انه لو اخذ جنيهاً واحدًا من كل من سمع تلك الاغنية لاصبح من المليونيرات فقد كان كل ما تقاضاه نظير غناؤه لها مبلغ ستة جنيهات فقط من الاذاعة . 


وهكذا تري عزيزي القارئ ان الاقدار تلعب دوراً كبيراً في الشهرة والمال مهما كانت الظروف الصعبة المحيطة فهي تأتي بأحداث ونتائج وارزاق لا يستطيع اي عقل ادراكها  او الترتيب لها . اغنية (رمضان جانا) وفرحنا به اصبحنا نتوارثها جيل بعد جيل بعد ان كانت قصيدة لا تجد من يؤديها ومطرب اصبح ذائع الصيت مشهور في بر مصر بعد ان كان مؤدياً مغموراً في ظل زمن كان لا يجد فيه الناس عملاً او رزقاً  . ————
ستجد أيضاً الكثير من تلك المصادفات التي تتكرر كثيراً وتأتي بما هو غير متوقع من احداث .  فمثلاً لا يمكن لأحد في عموم مصر ان يتخيل مقدم العيد بدون سماع اغنية ( يا ليلة العيد أنستينا ) للست ام كلثوم وكلمات الاستاذ رامي  . لن يصدق المصريون أبداً ان العيد سيبزغ في سماء هذا الوطن بدون سماع هذه الاغنية في ليلة قدومه وصباحه الاول بغض النظر عن اي بيانات او قرارات . اول اداء لهذه الاغنية كان ليلة عيد الاضحي في حفل بالنادي الاهلي بالجزيرة وفيه دخل الملك فاروق الاول ( ملك مصر والسودان وارض النوبة وصاحب دارفور ) الي الحفل بدون ترتيب مسبق وحدث هرج ومرج وتوقفت (ام كلثوم) عن الغناء حتي اتخذ الملك وحاشيته مقاعدهم وعاودت (ام كلثوم) الغناء لتضيف لها بذكاء بالغ كوبليه ترحيب انيق خاص بالملك في سياق الاغنية وعلى نفس وزن كلماتها. وهو ماجعل الملك ينعم عليها بوسام ( الكمال) الملكي المخصص للأميرات فقط . 


المقصد هنا ان الاقدار لها الدور الاساسي في حياة الانسان ومستقبله ومهما كانت قوة تخطيطك وتدبيرك فكل هذا يذهب ادراج الرياح مع اول منعطف للقدر معك . 


ثانياً وذلك من الاهمية بمكان هو الذكاء في التعامل مع الناس في كافة الدوائر المحيطه بحياتك واهمها العمل بطبيعة الحال ، النفاق ليس ذكاء علي اي حال ولكن معرفتك بطبيعة الشخصية التي امامك وقدراتها وقراءة تاريخها تمكنك من معرفة الطريق الامثل للتعامل معها وستجد انك ستفوز بالكثير اذا عثرت على مفتاح تلك الشخصية، اما التعالي و التجهم و التدثر بالوظيفة والمنصب فقد انتهي هذا العهد واصبح نمطاً عقيماً لا يؤدي الا الى التشاحن والخلافات التي تجلب الفقر والنزاع  وتوقف سير الحياة  . 

 

ثالثا يجب ان تظل  الموروثات الشعبية في حياتنا كنوز لا تفني نحافظ عليها ، تعيش بيننا وتجري في دماؤنا فهي تمثل تاريخنا وثقافتنا ولا ينبغي لنا التفريط فيها او وأدها تحت ركام التفاهة والانحطاط الذي يحيطنا من كل جانب. 


وسيبقي دعاء الشيخ (النقشبندي) بصوته الملائكي علي مائدة الافطار ، و سماع (الشيخ محمد رفعت) وهو يصدح في مذياع كل بيت وكأنه طقس موحد . لن ننسي مونولوجات الاستاذ ( فؤاد المهندس) عن  عادات نهار الصائمين في رمضان وما فيه من فكاهة بطعم النصائح . ستظل كلها كنوز نابضه لا يعنيها هنا ما تفرضه سلطة او حكومة طالما ان الشعب ارتضاها و عاش بها ومعها . رمضان جانا اعاده الله عليكم بالسلام والمودة . وتبقي اجيال واجيال محافظين علي العهد الموروث طالما كان جميلاً نابضاً بالصدق والحب والاخاء بين الناس وهذا هو مقصد حديثنا .والسلام ،،

#سقراط

أقرأ أيضا: هيئة البترول تكرم خالد المتولي لبلوغه قمة العطاء الوظيفي

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟