التناقض بين أهداف النظام الإقتصادي فى الدستور و ( التقشف ) !!!
لا يعرف علم الاقتصاد السياسى ما يعرف بتقشف الحكومات اقتصاديا ، وإنما ترشيد الحكومة لنفقاتها كأحد الوسائل المساعدة للحد من عجز الموازنة العامة ، ودعم الثقة فى النظام المالى لضمان الحصول على قرض صندوق النقد الدولي والذى يبلغ ١٢ مليار دولار امريكى ، ويقترب القرض من الاحتياطي النقدى للدولار بالبنك المركزي والذى يبلغ ١٦ مليار دولار !! وقد حدد الصندوق ثلاثة وسائل على الحكومة تطبيقها لضمان منح القرض ، ويتم تطبيقها على ثلاثة مراحل ، الأولى تتمثل في تطبيق نظام ضريبى وهو ماتم بالفعل بإلغاء قانون ضريبة المبيعات وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة رقم ٦٧ لسنة ٢٠١٦ ، والذى لايساير النص الدستورى الخاص بهدف النظام الضريبى الوارد بنص المادة ٣٨ من الدستور . !! أما المرحلة الثانية وهى ترشيد الأنفاق الحكومى أو الحد من الأجور والذى أطلق عليه التقشف ، ولعل استخدام المصطلح يؤكد على تأكيد الحكومة على قسوتها على نفسها فى الأنفاق من أجل الإصلاح الاقتصادى !! وتأتى المرحلة الثالثة ، برفع الدعم بشكل تدريجى عن المنتجات البترولية الخفيفة ، البنزين والسولار والبوتاجاز !! ولعل المرحلة الثانية الخاصة بترشيد الإنفاق ( التقشف ) ، لها آثار على الأداء الحكومى وأداء غيرها من مؤسسات الدولة المختلفة ومنها قطاع البترول !! فقد قرر مجلس الوزراء ترشيد وضغط الأنفاق فى جميع بنود موازنات جميع الوزارات والمصالح الحكومية ، والشركات ووحدات الجهاز الإدارى للدولة ، بنسبة تتراوح بين ١٥ و ٢٠ % دون المساس بالاجور والرواتب والموازنة الاستثمارية !! وخفض التمثيل الخارجى فى البعثات التابعة للوزارات بنسبة ٥٠ % ، والاستفادة من كوادر وزارة الخارجية فى أداء أعمال هذه البعثات !! ويترتب على قرار مجلس الوزراء نتائج بالغة الأهمية ومنها. ، أن سريان قرار الترشيد او التقشف على قطاع البترول بالنسبة للهيئة العامة للبترول وشركات القطاع العام فقط ، أما باقى الشركات الخاضعة لقوانين خاصة أو قوانين الإستثمار لايسرى عليها التقشف لأن الإستثمار لا يعرف التقشف ، وهو ما أكده قرار مجلس الوزراء بمقولة دون المساس بالموازنة الاستثمارية ، فالانفاق بصفة عامة يعنى الاهلاك فأنفاق المال يعنى أهلاكه وتحويله إلى منافع وخدمات ، ومنافع وخدمات الشركات الاستثمارية تطبق نظام ( VIP ) لا للتقشف !!! أما نتائج التقشف بالنسبة للتعيينات الجديدة وتعيين أبناء العاملين ، ووفقا الترشيد لن يتم تعيين دفعات مجمعة وفقا للخطة السنوية التعيينات ، بل قرارات فردية لأبناء أصحاب المعالى والنفوذ والسلطة ، أما بالنسبة للعاملين من درجة مدير عام ونازل لا يوجد تعيينات الآن ، وقدم الأوراق لتأخذ دور لانهائى من الزمن ، فقد يخرج الأب او إلام للمعاش دون الحصول على فرصة تعيين واحدة ، وهناك من يقوم بتعيين أربعة من أفراد الأسرة بقرارات فردية !! أما فيما يخص العاملين الذين حصلوا على مؤهلات عليا أثناء الخدمة ، أصبحت مسألة إعادة التعيين شبه مستحيلة لعدم وجود درجات تعيين وما يترتب على التسوية من تغيير الحقوق المالية ومدة الخبرة وضم العلاوات ، فعليهم إنتظار عودة الرخاء وانتهاء التقشف !!! أما الترقيات ستدخل في نفق التأجيلات والبطء فى عقد لجان ترقية لترشيد النفقات ، ولن يتم إقرار علاوة الجدارة ( التشجيعية - التمييز ) ترشيدا وتقشفا ، نفس الأمر بالنسبة للمزايا العينية الثابتة دون اى تعديل ، وأيضا ثبات النفقات الخاصة بالرعايا الصحية والاجتماعية والثقافية والرياضية ، وهو ما سيدفع الكثير من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة وهيئاتها وشركات القطاع العام إلى البحث عن موعد مع السعادة سواء بالنقل او الندب او الإعارة لإحدى الشركات الاستثمارية من أجل البعد عن التقشف !! ومن الطبيعى أن يترتب على ترشيد النفقات بطء التحديث للمنظومة الإدارية والمالية والفنية لشركات القطاع العام ، مع خفض النفقات الاستثمارية والبحثية وتخفيض الاستعانة بالمراكز التخصصية الأجنبية ، فالترشيد سيكون له تبعات سلبية على خطط الإنتاج الخاصة بشركات القطاع العام البترولية !! ولعل نقطة البداية الحقيقية للإصلاح الاقتصادى والمالى هو إصدار مجلس الوزراء قرارا بإنهاء كافة التعاقدات بأنواعها للمستشاريين والخبراء الفنيين والاستشاريين والذين تتراوح المبالغ الشهرية التى يحصلون عليها فى المتوسط ما بين ٥ إلى ٢٠ ألف جنيه ، فكل من يتجاوز سن الستين لا يجوز التعاقد معه حرصا على المال العام فى جميع وزارات الدولة وأجهزتها ومصالحها ووحداتها المحلية وهيئاتها العامة وشركات القطاع العام وأى شركة تساهم الدولة فيها لرأس المال ، هذا هو التطبيق العملي للترشيد وخطوة بالاتجاه الصحيح للإصلاح الاقتصادى !! قرار مجلس الوزراء تخفيض البعثات بنسبة ٥٠ % ، ولعل النسبة الصحيحة التي تتماشى مع الإصلاح هو التخفيض لنسبة ٨٠ % ، لأن التمثيل الحكومى للوزارات قائم على المجاملات والمحسوبية !! الدستور المصرى الصادر فى ٢٠١٤ ، حدد الخطوات التي من الواجب على الحكومة العمل من أجل تحقيقها وفقا للأهداف المحددة التى من الواجب العمل على تحقيقها وهى ، تحقيق الرخاء فى البلاد ، التنمية المستدامة ، العدالة الاجتماعية ، رفع معدل النمو الحقيقى ، رفع مستوى المعيشة ، زيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة ، القضاء على الفقر ، دعم محاور التنافس وتشجيع الاستثمار ، ضبط آليات السوق ، تكافؤ الفرص ، التوزيع العادل لعوائد التنمية ، تقليل الفوارق بين الدخول ، ضمان حياة كريمة !! السياسة الاقتصادية والمالية التى تطبقها الحكومة سواء بالاقتراض وأزمة الدولار وتعويم الجنيه ، والحرب الأمريكية على الإقتصاد المصرى ، هل تنجح سياسة الترشيد والتعويم والتقشيف والتقطير فى تحقيق أهداف النظام الإقتصادي الواردة في الدستور ؟؟!!! فى النهاية نصل للمعادلة كلما زاد الترشيد الحكومى ارتفع معدل الفساد والتضخم والبطالة !!!!!!!