د محمد عبدالهادي يكتب: أسعار البترول ونصر أكتوبر المجيد
أسواق البترول العالمية تترقب وتحبس أنفاسها من التوترات والتهديدات الحالية فى منطقة الشرق الأوسط. فأسعار البترول ترتبط مباشرة بالتوترات فى مناطق الدول المنتجة والمصدرة أو المستهلكة له سواء كانت لأسباب طبيعية براكين وأعاصير أو جيوسياسية من صراعات وحروب.
تشهد منطقة الشرق الأوسط (أكبر مناطق العالم تصديرا للبترول) إضطرابات فى الأحداث السياسية بطريقة حادة ومتصاعدة. فمع الحرب على غزة جاءت سلسلة الإغتيالات الإسرائيلية والهجمات الصاروخية الباليستية الإيرانية (إنتاج إيران تقريبا 3.5 مليون برميل وتصدر ما يقرب من 2 مليون برميل يوميا) على إسرائيل والرد المتوقع منها لتزيد المنطقة إشتعالا. وكذلك التوترات تطول أيضا محاور لدول كبيرة فى الإنتاج بالمنطقة مثل العراق (إنتاج البترول تقريبا 4 ملايين برميل ويصدر منها أكثر من 3 مليون برميل يوميل ).
الرد المتوقع من إسرائيل بضرب المنشأت النفطية الإيرانية والجماعات المعارضة فى العراق وسوريا (التى لها علاقات قوية بالإقتصاد العراقى والإيرانى) وكذلك تصريحات الرئيس الأمريكى بحق إسرائيل فى الرد وأن ضرب المنشأت النفطية قيد المناقشة فدفع كل هذا لرفع أسعار البترول 5% إلى مايقرب من 78 دولار.
مع تأثير تلك الضربات والسيناريوهات المتعددة لها على إنتاج البترول الإيرانى(فسيناريو ضربات شديدة يخرج 1.5 مليون برميل يوميا من التصديرأو بضربات محدودة يخرج 300-400 الف برميل ) والتهديد الإيرانى برد أشد وأعنف ينذر بتوسيع دائرة الصراع فى المنطقة وأنه لا حل سريع يبدو فى الأفق (مع إختلاف توجهات القوى الدولية للحل) .كل ذلك يؤدى لتوترات فى أسواق البترول لأن التهديدات ستؤثر أيضا فى طرق تجارة النفط فى العالم مثل مضيق هرمز والخليج العربى ومضيق باب المندب والبحر الأحمرمما يدفع بإحتمالات إستمرار رفع الأسعار (التوقعات قد تصل أعلى من 100 دولارللبرميل).
ونحن نحتفل بهذه الأيام بذكرى إنتصارات أكتوبر العظيمة للجيش المصرى وتحرير سيناء من العدوان الغاشم فنتذكر شجاعة وبسالة المقاتل المصرى. وأيضا تأثير القرارالإستراتيجى بوقف تصدير البترول من الدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات العربية للدول الغربية (من اكتوبر 73 حتى مارس 74) على الأسعار فتضاعفت بشدة من 3 دولار الى 11 دولار تقريبا فى ذلك الوقت. مما دفع تلك الدول لتراجع موقفها فى تأييد ودعم إسرائيل وسياستها وذلك للحد من المشاكل الإقتصادية الناجمة لها عن تلك الإرتفاعات (خسائروإضطراب فى الأسواق المالية وأزمة وقود وإلغاء رحلات طيران ).
ويكون أحد الدروس المستفادة من الحرب والقرار هو التوحد فى الجبهة الداخلية خلف القيادة السياسية رغم المصاعب والتحديات والتنسيق الخارجى مع الأشقاء العرب هو أفضل السبل لعبور الأزمات والتهديدات.
رفع أسعار البترول سينعكس مباشرة على الإقتصاد.فأسعار الطاقة مكون أساسى وكبير فى تكلفة التشغيل للمنشأت الصناعية والزراعية.وكذلك سيرفع تكلفة فاتورة الإستيراد للمنتجات البترولية من سولار وبنزين (التكلفة 3.3 مليار دولار خلال الربع الأول للعام المالى 2024 وتزيد مع إرتفاع الأسعار للبرميل ). كل هذا يدفع لزيادة معدلات التضخم ويرفع الأسعار للسلع ويؤثرعلى الجوانب الخدمية المقدمة للمواطنين.
الإضطرابات السياسية المستمرة فى منطقة الشرق الأوسط تزيد من أسعار البترول مما له أثار سلبية كبيرة على إقتصادات المنطقة ومنها الإقتصاد المصرى(خاصة للدول المستهلكه والمستورد للمنتجات البترولية).
تحقيق الهدوء والإستقرار فى المنطقة مع العمل على زيادة إنتاج البترول هما الطريق الوحيد لتحقيق أمن الطاقة وإستدامتها وإستمرار الدفع بالإقتصاد المصرى للتنمية والصعود إن شاء الله.وختاما فى ذكرى نصر أكتوبر المجيد ستعبر مصر الأزمة كما عبرت من قبل وكل عام ومصروجيشها الباسل فى نصر وعزة وأمان .