الأربعاء 22 يناير 2025 الموافق 22 رجب 1446

د. محمد العليمي يكتب: هل تستطيع تَقَبُل كل من حولك؟

274
المستقبل اليوم

في عالم مليء بالاختلافات الشخصية، يبرز التَقَبُل كواحد من أهم ركائز العلاقات الإنسانية الناجحة، فكثيراً ما نتوقع من الآخرين أن يتغيروا ليتناسبوا مع رغباتنا وتوقعاتنا، أو نحاول أن نغير من أنفسنا لإرضائهم، لكن الحقيقة البسيطة هي أن التقبل المتبادل هو الأساس الذي يضمن استمرار العلاقات بشكل صحي ومتزن.

ولكي تتضح الصوره عليك ان تعرف عزيزي ان رحلة التقبل تبدأ من الداخل، عندما ندرك أننا بشر غير كاملين، فكل منا لديه نقاط قوته وضعفه، عيوبه وميزاته. وعندما نتعلم أن نحب أنفسنا كما نحن، دون محاولة إخفاء عيوبنا أو التصنع، يصبح من السهل علينا أن نمد هذا التقبل للآخرين، فالتقبل هنا يعني الاعتراف بحقوق الآخرين في أن يكونوا كما هم، دون فرض معاييرنا عليهم، فالعلاقات التي تقوم على التقبل تُثمر عن الراحة النفسية، لأن كلا الطرفين يشعر بحرية أن يكون على طبيعته، وهذا لا يعني الموافقة على كل شيء يفعله الطرف الآخر، وإنما يعني احترام شخصيته واختلافاته وتقبلها دون محاولة تغييره قسراً فالتغيير الحقيقي قراراً ذاتياً يَنبُع من قناعة الشخص نفسه.

ولكن كيف لنا أن نعود انفسنا على تقبل الآخر ؟ هناك العديد من الطرق  كالتواصل المفتوح الحوار الصادق الذي يساعد على فهم وجهات النظر المختلفة، مما يُعزز من تقبل الآخر، وايضاً محاولة وضع أنفسنا مكان الطرف الآخر مما يجعلنا ندرك خلفيات سلوكياته وتفكيره، كذلك الابتعاد عن المثالية ،والإيمان بأن الكمال لله وحده وأنه لا أحد كامل والمثالية الزائدة في التوقعات تؤدي إلى الإحباط.

في النهاية يجب أن ندرك أن التقبّل أساس كل علاقة سواء كانت صداقة، علاقات عائلية أو عاطفية، حيث سيظل التقبّل عنصراً حاسماً لاستمرارها، فعندما نتعلم أن نحب الآخرين كما هم، بكل ما فيهم من جمال وعيوب، نخلق بيئة مليئة بالمحبة والدعم، وأن نؤمن أن التقبّل ليس ضعفاً ولا تنازلًا، بل هو قوة تُظهر نضجنا وقدرتنا على التعايش مع مقتضيات الحياة، فعندما نتقبل أنفسنا والآخرين كما نحن، نصنع علاقات قائمة على الثقة والاحترام، ونعيش حياة أكثر هدوءاً وسلاماً.




تم نسخ الرابط