قصص لا تُروى: أسرار نساء في مواجهة التقنية..الحرب على سمعتي (الأخيرة)

النهاية والمفاجأة الكبرى:
—————————
مرت الأيام في المحكمة كالعمر بالنسبة لنادية. كل جلسة كانت تمثل صراعاً داخلياً مريراً. ومع كل شهادة تُقدّم ضد أحمد، ومع كل رسالة أو محادثة تكشف عن نيته في التشهير بها، كانت نادية تشعر بأنها تأخذ خطوة نحو الإنتصار. لكن بالرغم من ذلك، لم يكن الأمر سهلاً. كانت تواجه دائماً الخوف من أن ينجح أحمد في قلب الأمور لصالحه، وأن تتأثر سمعتها بشكل أكبر. ومع كل لحظة تمر، كانت تدرك أن هذه المعركة ليست فقط من أجل الحضانة، بل من أجل إثبات أنها لا تستحق كل ما تعرضت له.
وكانت المفاجأة الكبرى في الجلسة الأخيرة من المحكمة. فجأة، دخلت القاعة، وفي يدها حقيبة صغيرة، محامية جديدة. كانت هذه المحامية قد تمت الإستعانة بها في اللحظات الأخيرة، وكانت قادمة بخطة غير متوقعة. نادية لم تكن تعرف المحامية، لكنها شعرت بأنها تحمل شيئًا مهمًا، شيء سيغير مجرى القضية بالكامل.
بدأت المحامية الجديدة بعرض الأدلة التي جمعتها بمهارة. كانت تلك الأدلة غير قابلة للتشكيك، إذ كانت تشرح بالتفصيل كيف قام أحمد بإستخدام الإنترنت بطريقة غير قانونية لتدمير سمعة نادية. لم يكن الأمر مجرد نشر أكاذيب، بل كانت هناك أدلة على إستخدام أحمد للأدوات الرقمية لتهديد نادية، ولخلق حالة من الضغط النفسي عليها عبر الرسائل المسيئة. كانت تهم التشهير الإلكتروني واضحة ومحددة، وتندرج ضمن الجرائم الإلكترونية التي يعاقب عليها القانون بشدة.
بدأ القاضي في إستعراض الأدلة بحذر، وكانت نظرته تتغير تدريجياً. أحمد، الذي كان يظن أنه في موقف قوة، بدأ يشعر بالتوتر. كانت الأدلة الجديدة تثبت أنه لا يملك أي شيء يمكنه أن ينقلب لصالحه. بينما كان أحمد يحاول الدفاع عن نفسه، كان القاضي يلاحظه بتركيز، وكان واضحاً أنه بدأ يفقد مصداقيته في نظر المحكمة.
في تلك اللحظة، جاء قرار المحكمة المفاجئ: قررت المحكمة أن تُدين أحمد بتهمة التشهير عبر الإنترنت، بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. وكانت هذه الصدمة الكبرى له. لم يكن يتوقع أبداً أن تتحول القضية ضدّه بهذا الشكل. كان يعتقد أن أفعاله ستظل بلا عقاب، لكنه كان مخطئاً. تم فرض عليه عقوبات قانونية صارمة، والتي شملت دفع تعويضات لنادية، بالإضافة إلى عقوبة سجنية محتملة إذا استمر في سلوكياته المسيئة.
لكن المفاجأة الأخرى كانت في حكم الحضانة. بعدما إستعرض القاضي سلوك أحمد خلال الفترة الماضية، قرر منح نادية الحضانة الكاملة للأطفال. إستند القرار إلى أن أحمد لم يُظهر أي إستعداد حقيقي لتحمل المسؤولية كأب، بل كانت تصرفاته دليلا ًعلى عدم قدرته على الإهتمام بمصلحة الأطفال. كان هذا القرار بمثابة نصر لنادية، ولكن كان لها طعم مرير.
في النهاية، رغم أن نادية حصلت على ما كانت تسعى إليه، إلا أن المعركة تركت جروحاً عميقة في قلبها. كانت قد مرّت بتجربة قاسية، لكنها لم تكن تستطيع أن تترك أطفالها يعيشون في بيئة مليئة بالشكوك والصراعات. أغلقت باب الماضي، وقررت أن تبدأ حياة جديدة مع أطفالها في مكان بعيد عن كل ما يذكرها بالمعركة القاسية التي خاضتها.
ومع مرور الوقت، أدركت نادية شيئًا مهماً. نعم، كانت قد فازت في المحكمة، لكن النصر الحقيقي كان في قدرتها على البقاء قوية طوال هذه المحنة. كان لديها الآن فرصة لتربية أطفالها في بيئة محبة وآمنة، بعيدًا عن الحروب والتهديدات التي حاول أحمد أن يزرعها في حياتها.
وفي آخر مشهد من حياتها الجديدة، وقف الأطفال حولها مبتسمين، وهي تعلم أنهم سيكبرون في بيئة مختلفة تماماً عن تلك التي عاشوها في الماضي. كانت نادية قد تعلمت أن العدالة قد تأخذ وقتاً، لكنها دائمًا تنتصر في النهاية. وأن الحق لا يمكن أن يُغلب، مهما كانت القوة التي تحاول كسره.
هذا النصر لم يكن فقط في محكمة القانون، بل في قلب نادية التي إكتشفت قوتها الداخلية، والتي تعلمت أن المرأة يمكنها تجاوز المحن مهما كانت صعبة، طالما أنها تستمد قوتها من الحقيقة والإيمان بعدالة الله.