استنى ليه؟ الحياة قصيرة.. د حنان عبدالمنعم

في لحظة بنصحى من نومنا ونفكر: ليه زعلت؟ ليه سكت؟ ليه ما كلمتوش؟ ليه ما رُحتش؟
بس السؤال الحقيقي: استنيت ليه؟
الحياة مش دايمة، والناس اللي بنحبهم مش دايمين، وإحنا كمان مش دايمين. ورغم كده، بنعيش كأن في وقت دايمًا، كأن بكرة مضمون،
وكأن الناس حوالينا هيفضلوا مستنيين.
لو زعلان من حد، ما تستناش. ما تستناش “الوقت المناسب”،
لإن كتير “الوقت المناسب” ما بيجيش،
وساعتها بنخسر ناس وإحنا لسه مستنيين.
لو في حد بتحبه، قوله.
الناس محتاجة تسمع الكلمة دي، ويمكن الكلمة دي تغيّر يومهم… أو حياتهم.
لو وحشك حد، روح له.
ما تسيبش الكبرياء يمشي قدّامك ، ويبعدك عن ناس كان بينكم ضحك، وونس، وسنين.
لو نفسك تصالح حد، ابدأ. اللي يبتدي مش ضعيف، اللي يبتدي هو اللي قلبه كبير ،وعارف قيمة الناس اللي حواليه.
الحياة قصيرة…أقصر بكتير من إننا نضيعها في زعل، أو تردد، أو صمت، أو خصام. في لحظة، ممكن يوصلك خبر يوجّع قلبك، وتقول: “ياريتني…”
وإحنا مش عايزين “ياريتني”… إحنا عايزين نعيش وإحنا عاملين اللي علينا، ومع الناس اللي بنحبهم، من غير خوف، ومن غير كِبر.
قَرّب. صالح. عبّر.
قول اللي في قلبك.
ما تأخّرش الكلام، ولا المشاعر، ولا السلام.
لإن ممكن ييجي وقت، الكلام يفضل في القلب…
بس القلب نفسه ما يبقاش له مكان يتقال فيه الكلام.
خلّي كل لحظة فيها حب، ورضا، وناس. عيش ببساطة، وسيب وراك أثر طيب، وحب كبير، وحضن ما اتأخرش.
الحياة قصيرة… فـ ما تتأخّرش.كنت قاعدة جنب ست كبيرة في الطيارة، شكلها هادي، بس عيونها فيها حزن قديم. سألتها بلُطف: “حضرتك رايحة فين؟”
ردّت بابتسامة خفيفة وقالت: “رايحة أزور بنتي… بعد ٧ سنين خصام.”
سألتها: “ليه كل المدة دي؟” قالت: “استنيت هي تكلمني… وهي استنتني.والسنين عدّت، وقلبي كان بيكلمني كل يوم ويقولي: روحي.”
سكتت لحظة، وبصّت من الشباك، وقالت: “عارفة يا بنتي؟ مفيش حاجة تستاهل الخصام.
لا الزعل، ولا الكِبر، ولا حتى العند.”
نزلت من الطيارة ودمعة في عينها، بس بقلب بيضحك، يمكن لأول مرة من سنين.
في آخر اليوم، مش هنفتكر عدد المرات اللي زعلنا فيها…بس هنفتكر مين حضنّا وقت الزعل.
مش هيفرق مين كان صح ومين كان غلط،
اللي هيفرق مين اللي حاول، مين اللي بدأ، ومين اللي ما استناش.
ما تسيبش الخوف أو العند ، يسرقوا منك لحظات كانت ممكن تكون سبب في سلامك الداخلي. ما تسيبش الزمن يعدّي وإنت ساكت…الحياة مش دايمًا بتدي فرص تانية.
خد خطوة… حتى لو بسيطة. افتح باب كان مقفول، ابعت رسالة، اتصل، زور، اعتذر، أو حتى ابتسم. إنت مش ضعيف،
إنت إنسان، بيحب، وبيغلط، وبيتعلم، وعايز يعيش بسلام.
فكّر في اللي يستاهل…
وقرّب له قبل ما يفوت الأوان. لإن في الآخر، اللي بيبقى مش الزعل، اللي بيبقى هو الندم. والحياة… أقصر من إننا نعيشها بندم