تحليل: من الذي أدار الأزمة السابقة؟ وما هو موقف الأزمة الحالية؟

أصدرت رئاسة مجلس الوزراء بيانًا رسميًا بخصوص مشكلة فساد منتج البنزين، حيث أفصحت بشكل قاطع عن وقوع المشكلة وتأثيرها الواضح على الرأي العام. ويثور هنا سؤال مهم بعد انقشاع غبار الأحداث: من الذي أدار الأزمة وقت حدوثها؟ وبمعنى آخر، من كان المسؤول ساعة وقوعها؟
من أين جاءت المعلومات التي أعلنتها الوزارة، والتي أكدت فيها نفي وجود أي مشكلة، وأن ما يتم تداوله مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة؟ يبدو أن هناك خللًا واضحًا في الهيكل التنظيمي لإدارة الأزمات، خاصة تلك التي تمس المواطن البسيط بشكل مباشر، خصوصًا بعد ثبوت وجود فساد في شحنة أو شحنات تم طرحها في الأسواق بالفعل.
التعامل مع الأزمات التي تمس الشعب يجب أن يكون بعيدًا عن عقلية “البرج العاجي” التي تطغى على أسلوب العمل داخل قطاع البترول. وهذا هو مربط الفرس، لأن الأزمة الجديدة التي فجّرتها الصحفية خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير البترول بالأمس، والمتعلقة بمخالفة شركة “بوتاجاسكو” للأسعار الرسمية لأنابيب البوتاجاز، واستهزائها بالمواطنين ومطالبتهم بشراء الأسطوانة من الحكومة، تتطلب الإقالة الفورية لرئيس هذه الشركة، وكل مسؤول عن قطاع النقل والتسويق فيها.
لكن ما زاد من حدة الأزمة، كما ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي، هو ابتسامة الاستهزاء التي صدرت عن أحد مسؤولي الوزارة – وهو من المعنيين المباشرين بالأزمة – ومحاولته مقاطعة الصحفية التي كانت تنقل شكوى ومعاناة المواطن البسيط. المواطن الذي لم يعد يكترث بكل ما يسرد من إنجازات وتحديات ما دام غير قادر على الحصول على أبسط احتياجاته.
ربما هذه النوعية من الشكاوى تمثل أمرًا جديدًا على طاقم العمل الحالي، الذي تعود على بيئة عمل بمستوى عالٍ ولم يكن من أولوياته في السابق الاستماع إلى شكوى المواطن البسيط أو معاناته في الحصول على أنبوبة بوتاجاز. لكن العمل في وزارة سيادية يختلف تمامًا، وفهم نبض الشارع والتجاوب مع شكوى الرأي العام هو من أهم المهام، بل إن تعبيرات وجه المسؤول أثناء الاستماع للشكوى يجب أن تكون محسوبة، لأنه في تلك اللحظة هو محط أنظار الناس، وأي ابتسامة أو إشارة وجه تُفسّر على أنها إهانة بالغة.
وقد أبدى الوزير تماسكًا ملحوظًا، رغم مفاجأته بالشكاوى المطروحة، والتي حملت اندفاعًا طبيعيًا يعكس معاناة حقيقية.
وهكذا انفجرت أزمة جديدة مع الرأي العام، لم يكن لها داعٍ، ولا نعلم كيف ستُحتوى.
لكن ما نراه ضروريًا الآن هو:
•الإقالة الفورية لرئيس شركة “بوتاجاسكو”.
•قيام نيابة التجارة الداخلية بهيئة البترول بدورها في تشكيل لجنة تحقيق عاجلة لمتابعة الموقف.
•التواصل مع الصحفية لمعرفة مصدر الشكوى وتحديد المواطن الذي تقدم بها.
•تحديد فريق العمل المخالف وإيقافه فورًا عن العمل لحين انتهاء التحقيقات.
بهذا فقط يمكن تهدئة الرأي العام.
فكما قال الزعيم جمال عبد الناصر: “الشعب هو المعلم”، والتعامل معه يجب أن يتم بحرص ودقة.وعلى المسؤولين أن يتخلّوا عن مفاهيم المناصب السابقة، وأن ينزلوا إلى مستوى احتياجات البسطاء.