الأحد 15 يونيو 2025 الموافق 19 ذو الحجة 1446

د عزة سامي تكتب: رسالة إلى وزير البترول: التحديات الخفية ما بين القرار والاستطاعة؟

323
المستقبل اليوم

معالي وزير البترول والثروة المعدنية -تحية طيبة وبعد،،،

بينما تتسارع وتيرة التطوير في قطاع البترول لمواجهة التحديات المحلية والعالمية المتصاعدة. حيث تضع الوزارة نصب أعينها خططًا لضمان استقرار إمدادات الغاز وتأمين الاحتياجات. ومن قبلها العمل على المحاور الستة الرئيسية للوزارة. يظل السؤال الأهم: كيف سيتم ترجمة هذه الخطط إلى واقع عملي، ومن سيحمل مسؤولية التنفيذ في ظل التحديات القائمة؟

إن قاعدة "مستويات هرم الإدارة" – وهي الأوسع انتشارًا والأكثر حساسية – تشهد تشابكًا في المهام وتصاعدًا في الضغوط، ومع ذلك، توجد ملفات لا ينبغي أن تبقى على هامش الاهتمام، بل تستحق أن تحظى بمكانها بجانب القرارات الاستراتيجية. من هذا المنطلق، أرجو أن تتسع صدوركم لتقبل رسالتي، فإن صمت الجميع، لن نتمكن من إدراك حقيقة المشهد كاملا. مع العلم أن الآمال تجددت للجميع لدفع عجلة التغيير بالتزامن بتولي قيادتكم.

إشكالية العمالة المؤقتة والمقاول وتأثيرها على الأداء والاستقرار المهني:
تمت مناقشة هذه القضية مرارًا، لا نتحدث عن الفوارق المالية فقط، ولكن عن الظروف غير المعلنة التي تعكس فجوة حقيقية بين العمالة المؤقتة والدائمين، حتى في أبسط الحقوق، مثالا بسيطا: الإجازات المرضية، حيث يخسر الأول دخلة اليومي بعدد الأيام المرضية بينما يتمتع الدائم بحماية الشهادة المرضية.

نتحدث عن مواجهة العمالة المؤقتة لواقعٍ غير معلن، إن شعور البعض بأنهم "مواطنون من الدرجة الثانية" لا يسهم فقط في تدهور الأداء، بل يهدد بيئة العمل بعدم الاستقرار. المعاملة الداخلية التي تفرض فجوة غير مبررة بين الموظفين رغم تشابه المهام والمسؤوليات، مما يؤثر سلبًا على الأداء العام.

كيف يمكن لمهندسين يعملون في إدارات رئيسية مثل الاستكشاف والعمليات أن يحققوا النجاح والابتكار في وضع الآبار الناجحة وتطوير حقول الانتاج، بينما يواجهون فجوة واضحة في الامتيازات وعدم وضوح مسارات الترقية مقارنة بزملائهم الدائمين؟ لا عجب أن العديد من هؤلاء المهندسين الشباب يفضلون الاستقالة بعد سنوات الانتظار علي امل التعيين للبحث عن فرصة للتثبيت أو الترقي، ما يؤدي إلى خسارة كفاءات واعدة وتكبّد الشركات العاملين بها تكاليف باهظة بعد تدريبهم ورعايتهم (التدريب-العلاج وغيرها). وهناك الكثير الذي يقال في هذا الامر، لذلك نقترح:

• الغاء دور الوسيط وعمل عقود مباشرة مع الشركة الرئيسية العاملين بها ودفع الفرق لمصلحة الموظف.
• إنشاء لجنة رقابية مستقلة داخل الوزارة لمراجعة أوضاع العمالة المؤقتة، وضمان حصولهم على حقوقهم الوظيفية.
• وضع نظام ترقية محدد يستند إلى سنوات الخبرة والكفاءة، وليس العقود المؤقتة.
• تحسين نظم التعاقد بحيث يتم منح العمالة المؤقتة ضمانات وظيفية بعد عدد معين من السنوات في الخدمة.
• تأسيس منصة استماع دورية تتيح للعمالة المؤقتة التعبير عن مخاوفهم واقتراحاتهم دون تأثير إداري.

الملف الثاني: تحديات خبراء القطاع الخاص بين الولاء والتجاهل:
عزيزي الوزير لا يخفى على أحد أن هناك نسبة كبيرة من المهنيين ذوي الخبرة يعملون في القطاع الخاص، وخاصة الشركات الأجنبية، لفترات تتجاوز الخمسة عشر عامًا وأكثر. ومع ذلك، يواجه بعضهم استقالات قسرية دون تحقيقات فعلية، بل استنادًا إلى قرارات مبنية على الاعتبارات الشخصية أو المصالح الداخلية غير المعلنة، مما يتركهم دون مظلة قانونية أو نقابية تحمي حقوقهم.

كيف يمكن لمن خدم القطاع لسنوات أن يُستبعد دون إطار إنصاف واضح؟ فجأة خارج القطاع، بدون صفة، رغم إسهاماته الفنية المثبتة وإمضاؤه على الكثير من التقارير الفنية وسجلات الآبار- يُستبعد بلا حماية قانونية أو انتماء نقابي، الا ما رحم ربي واتيحت له فرصة العمل مجددا في نفس القطاع او التحق للعمل في مجال اخر لمواجهة تحديات الحياة وتلبية طلبات اسرته.
أليس من الضروري وضع إطار تنظيمي يلزم الشركات الخاصة بضوابط تحمي موظفيها، ليس فقط فيما يتعلق بالمراقبة المالية والفنية، بل أيضًا من حيث الضمان المهني والاستقرار الوظيفي؟ لذلك نقترح:

• وضع آلية قانونية لمراجعة قرارات الفصل القسري بحيث لا تتم استقالة أي موظف دون تحقيق شفاف.
• إطلاق نقابة مهنية مستقلة /جهة رقابية مستقلة تمثل خبراء القطاع الخاص، وتوفر لهم الحماية القانونية والمهنية.
• إلزام الشركات بتقديم برامج حماية وظيفية، تشمل التأمينات والامتيازات التي تضمن استقرار العاملين حتى في حالات الفصل غير المبرر.
• تحفيز الشركات المحلية على استيعاب الخبرات من الشركات الأجنبية من خلال إطلاق قاعدة بيانات وطنية للخبرات المفصولة مما يسهل دمجهم في شركات أخرى ويمنع خسارة الكفاءات دون سبب منطقي.

هذه التحديات لا تؤثر على الأفراد فحسب، بل تمتد إلى مستقبل الصناعة ككل، فهل ستشهد المرحلة القادمة حلولًا تعيد الإنصاف إلى هذا المشهد؟ ونعلم يقينًا أن لديكم الرؤية والقدرة على تبني خطوات إصلاحية تعيد التوازن والعدالة إلى المشهد.

شكرا لسعة صدركم ولكم كل الاحترام والتقدير،،،
إن قدر الله لنا في العمر بقية، فربما لنا في الحياة لقاء .....




تم نسخ الرابط