مجرد رأي…وزيرا البترول ..بين التأييد والمطاردة

تشعر وكأنك أمام مباراة حامية بين فريقين، كلٌّ منهما يسعى لتحقيق هدفٍ ما لا نعرفه، هي مباراة لا يبدو أن لها نتيجة حقيقية، حتى لو انتصر أحد الفريقين على الآخر.
الفريق الأول تخصّص في الدفاع عن الوزير الحالي تحت مظلة تعبير ثابت: “سيبوه يشتغل”، أي “اتركوه يعمل بهدوء”.أما الفريق الآخر، فما يزال يعيش في أوهام مطاردة الوزير السابق، ويطالب بتشكيل لجنة تقصّي حقائق عن مستوى أدائه خلال عشر سنوات مضت !
يبدو أن ملامح الفريق الأول تتكون من صغار الموظفين المتعاطفين مع الوزير الحالي، الذين يشعرون بالارتياح لتخفّفه من قواعد البروتوكول الجامدة، وبساطته في التعامل معهم، وارتدائه زي العمل الميداني مثلهم. وعلى النقيض من سابقه، الذي حافظ على مسافة وخطوط فاصلة بينه وبين العاملين.
كما يضم هذا الفريق أيضًا بعض ذوي الخبرة، ممن تُصدر لهم تعليمات بالتصدي لأي هجوم أو نقد في الوقت الحالي، تحت دعوى حداثة عهد الوزير بالمنصب، وثقل الإرث من المشكلات التي تحتاج إلى وقت وجهد دون نقد أو حتى استفسار.
إلا أن هذا الفريق، بكباره وصغاره، يفتقر إلى معلومة في غاية الأهمية: أن منصب الوزير هو منصب سياسي في المقام الأول، وعلى من يتولاه أن يتحمّل المسؤولية السياسية من اليوم الأول، وهو مطالب بالرد على أي استفسار، والإصغاء إلى أي نقد دون ضيق، وأن يتقبّل النقد بموضوعية، ويرد عليه بلغة الأرقام لا بالبيانات الإنشائية الطويلة ، فعبارة “سيبوه يشتغل” تعبير سطحي لا يُعوَّل عليه، ولا يدل على إدراك لحجم وخطورة المسؤولية السياسية لهذا المنصب الرفيع، ولا ينبغي استخدامه في مواقف النقد والمساءلة، بل إن ترديده يثير لدى الآخرين الرغبة في مواصلة الهجوم، باعتباره وسيلة للهروب من الإجابة.
أما الفريق الثاني، فقد خصّص جلّ وقته وجهده لمطاردة الماضي، متمثلًا في شخص الوزير السابق، منصبًا عليه سهام الاتهام، مدفوعًا برغبة في الانتقام لأسباب مختلفة لدى كلّ فرد من أفراده، تتعلق بما أصابهم من أضرار شخصية، لكن هذا الجهد لا يبدو أن له مردودًا عمليًا أو فنيًا على قطاع البترول، إذ لم نسمع من قبل عن مطالب بتشكيل لجنة لدراسة أداء وزراء سابقين امتدت خدمتهم لعشر سنوات وسنة أخرى بعد خروجهم من الوزارة.
وتبقى وجهة نظرنا الثابتة في هذا الشأن واضحة: من يملك دليلًا على وقائع محددة، مثبتة بالأرقام والمستندات، تمس القطاع ومقدراته، فعليه أن يتوجه بها إلى الجهات المختصة في الدولة، فهي وحدها المعنيّة بالتحقق من أي اتهامات، أما الاستمرار في مطاردة الماضي بالكلام المرسل، فهو مضيعة للوقت وتشتيت للجهد، وإشعال لنار الاستعداء، في وقت نحن في أمسّ الحاجة فيه إلى تضافر الجهود بصدق.
وعمومًا، يتفق الفريقان في نقطة واحدة: لم يقدّم أي منهما أرقامًا تبرّر التأييد الجارف الذي يتبناه الفريق الأول، أو تدعم مطالب الفريق الثاني، ولذلك فإن مراجعة المواقف بعناية باتت أمرًا ملحًّا، وعلى الجميع أن يتوافقوا على ضرورة عبور هذه الأيام الصعبة بمسؤولية وحكمة، فمصلحة البلاد تعلو على أي مصالح أخرى.
ويبقى التصريح الخطير الذي أدلى به المهندس سامح فهمي مؤخرًا، والذي سيكون محل حديثنا القادم…فانتظرونا.والسلام،
#سقراط