الثلاثاء 05 أغسطس 2025 الموافق 11 صفر 1447

مجرد رأي…استفتاء على استمرار الوزير

606
المستقبل اليوم

إذا كان رأيك في تقييم أي مسؤول مبنيًا على عواطفك تجاهه، أو على ما يُظهره من دماثة خلق وتعامل ودي مع من حوله، فأنصحك بعدم استكمال قراءة هذا الموضوع.

النقاش الساخن المحتدم حول استمرار أي وزير في الحكومة الحالية في موقعه، وتقييم عمله خلال الفترة الماضية، يشوبه كثير من الترقب الحذر بين مؤيد ومعارض، وكأنه استفتاء غير معلن، وإن كان هو حديث الساعة بلا منازع.

بالنسبة لوزارة البترول، يبدو الوضع مختلفًا نوعيًا عند تقييم أداء وزيرها الحالي الذي لم يمضِ على تعيينه سوى عام واحد. الاختلاف هنا يكمن في معايير التقييم وآليته؛ إذ أن التقييم في الحقيقة لا يخص شخص الوزير بقدر ما يخص التجربة نفسها.

التجربة المقصودة هي الاستعانة بشخصيات مصرية ذات سمعة طيبة وخبرة دولية واسعة في مناصب مرموقة خارج البلاد، أثبتت نجاحها في مواقعها، ثم استقدامها لشغل مواقع قيادية في العمل العام المصري. الوزير كشخص لا ينتظر تقييمًا، فهو عمليًا في قمة النضج الفني والفكري بعد سنوات طويلة قضاها في العمل التخصصي الدولي، لكن التقييم الحقيقي سيكون لمخرجات هذه التجربة:

•هل استطاع الوزير التوافق مع النظام الإداري الموروث الحاكم للعمل؟
•هل فرض فكره ونهجه الجديد على هذا النظام، أم أن النظام القديم، بأساليبه وشخصياته الراسخة، هو من فرض نفسه عليه؟

هناك تجارب مشابهة، ربما أبرزها تجربة الدكتور طارق شوقي في وزارة التعليم. فقد حاول الرجل فرض توجهاته الحديثة على منظومة تعليمية ضخمة مليئة بالتناقضات والمصالح والثقافات المجتمعية الراسخة. واجه كل ذلك منفردًا، وكان صريحًا وربما عنيفًا أكثر مما ينبغي. حمّل أولياء الأمور جزءًا من مسؤولية تدهور التعليم، واصطدم بمصالح المنتفعين وضعف البنية التحتية للاتصالات. لم يكن مخطئًا في معظم ما قاله، لكنه كان متسرعًا في مواجهة ثقافة مجتمعٍ ما زال يعتبر الشهادة ورقة للعبور الاجتماعي أكثر من كونها نتاج تعليم يبني الشخصية وينمّي المعرفة. أما جهابذة الروتين في وزارته فكانوا له بالمرصاد، فانتهت تجربته سريعًا.

لهذا السبب، ترفض كثير من الشخصيات المصرية اللامعة في الخارج تولي أي منصب وزاري في الداخل، لعلمهم المسبق أن التجربة –من وجهة نظرهم– محكوم عليها بالفشل، وأن الدولة لا بد أن يُديرها من نشأ وترعرع في دروبها وفهم أساليب إدارتها وثقافة مجتمعها.


خلاصة القول: شخص الوزير وأداؤه الفردي سيكونان خارج معايير التقييم المباشر ، التقييم الحقيقي سينصبّ على التجربة نفسها: هل حققت أهدافها؟ هل أحدثت تغييرًا ملموسًا يمكن البناء عليه؟ عندها فقط يمكن القول باستمرار التجربة أو توقفها.




تم نسخ الرابط