السبت 25 أكتوبر 2025 الموافق 03 جمادى الأولى 1447

هل يمكن لـ “لعبة” أو “فيديو” أن يزرع في طفل فكرة القتل؟

237
المستقبل اليوم

استشاري علم النفس الرقمي وعضو الهيئة الاستشارية العليا لتكنولوجيا المعلومات ونائب رئيس لجنة التحول الرقمي

صرخة وجع من جيل يعيش داخل الشاشات
الحادث المأساوي الذي شهدته مدينة الإسماعيلية لم يكن مجرد جريمة، بل صرخة وجع من جيلٍ ينشأ في عالمٍ رقميٍّ بلا ترجمة إنسانية.
جيلٌ يفتح عينيه يوميًا على محتوى مليء بالعنف والتحديات والمشاهد التي تذيب الحدود بين الخيال والواقع، فيتشكل وعيه دون وعيٍ حقيقي بما يراه.
الطفل الذي ارتكب الجريمة لم يُولد مجرمًا، لكنه تَشكّل رقمياً.
تكوَّن وعيه داخل فضاء افتراضي بلا رقابة، حيث تحوّلت مشاهد العنف إلى مشهد مألوف، وتحوّل "اللايك" إلى مكافأة نفسية، حتى ضاعت الخطوط الفاصلة بين التسلية والخطر.

ليس مجرمًا... بل ضحية رقمية
كل مشهد عنيف شاهده، وكل “تحدي” شارك فيه، كان خطوةً صغيرة في طريقٍ مظلم.
طريق لم يجد فيه من يفسّر له ما يرى، أو من يعلّمه أن سقوط الشخصية في اللعبة لا يشبه سقوط إنسان في الواقع.
ومع غياب الحوار الأسري، والرقابة الواعية، أصبح الطفل يتلقى تربيته من الشاشة، لا من الأسرة.

دعوة للفهم لا للحظر
كاستشاري في علم النفس الرقمي والسلوك الإنساني، وكأم وأخت قبل أي لقب، أقولها بوضوح:
🔸 نحن لا نحتاج إلى منع الإنترنت، بل إلى فهمه.
🔸 نحتاج إلى مرافقة أطفالنا داخل العالم الرقمي، لا عزلهم عنه.
🔸 نحتاج إلى أن نُعلّمهم التفرقة بين التسلية والخطر، بين التحدي والتهوّر، بين الحرية والمسؤولية.

التكنولوجيا ليست العدو
التكنولوجيا في حد ذاتها ليست هي العدو، بل الإهمال والسكوت والاستسهال.
العدو الحقيقي هو أن نترك أطفالنا يربّون أنفسهم وسط محتوى غير مُفلتر، بلا حوار، وبلا دليل.
العدو هو أن نريح عقولنا بالسكوت، بينما عقولهم تُعاد برمجتها في صمت.

رسالة لكل بيت
فلنكن نحن الدليل قبل أن يبحثوا عن دليل في مكان آخر.
فلنفتح الحوار، ولنسمع أكثر مما نحكم.
ولنتذكر دائمًا أن كل طفل بحاجة إلى قلبٍ يُصغي قبل أن يحتاج إلى عينٍ تراقب.




تم نسخ الرابط