إن رامِت كِمِت..شيماء محمد
 
                            منذ أن همس النيل بأنشودة الحياة…ورقصت على ضفافه نسمة النجاة…
وُلدت كِمِت…أرض العراقة والبقاء…حيث لا يموت الحلم… ولا يشيخ البناء…
على طميها خُطَّت أول الحروف…ونُقشت فوق جدرانها دروس الأسس والمعاني…فعلّمت الدنيا كيف يُبنى الوجود بالعقل والتفاني…وكيف تُصان الأوطان بالإيمان والإحسان…
في البدء كان رَمِت ،الإنسان المصري…ابن الشمس والنيل والطين النقي…
حمل في عروقه وهج الخلود… وفي قلبه سر الوجود…رفع الحجر كأنما يقيم صلاة…وبنى الحضارة كأنها نجاته من الفناء…
غرس في الأرض حكمة… ونقش في الزمن عظمة…
فصار اسمه مفتاح الحياة… وصدى الخلق والبقاء…
وقال في نقوشه الخالدة…
إن رامِت كِمِت… الإنسان المصري…منه بدأت الحكاية… وبه تدوم الرواية.
واليوم… حين تُفتح أبواب المتحف المصري الكبير…
يُفتح معها قلب الزمان الأسير…تتنفس التماثيل روح الإنسان…ويُزاح عن الوجوه الغبار لتشرق من جديد…كأن الأجداد يهمسون للأحفاد…ها قد أتى من يُكمل المسير…
يحمل المشعل… ويزرع المصير…
ليس المتحف حجارة تُرص على حجر…بل ذاكرة من نور وعِبَر…كل تمثال فيه قلب ينبض بالعطاء…
وكل نقش فيه عهد بالبقاء…
تبتسم ملامح الملوك في صمت عميق…كأنها تقول لمصر…عنخ إن ماعت… إن رامِت كِمِت…الحق حياة… والإنسان المصري هو الحياة…
أيها الأحفاد…ما ورثتم حجارة جامدة… بل إرادة خالدة…ما ورثتم آثارًا صامتة… بل رسالة ناطقة…
أن تنهضوا كلما مال الزمان…وأن تضيئوا إذا أظلم المكان…
وها أنتم اليوم…تبنون في الحاضر ما يفوق أسطورة الأمس…تحملون عزم الأجداد في صدور من نحاس ونبض…تزرعون الأمل في الأرض كما زرعوه…وتحملون للعالم وجه مصر الذي أرادوه…
فلتظل كِمِت منبع النور… ومنارة السلام…تجمع من الشرق حكمته… ومن الغرب احترامه…وتبقى شامخة كأبي الهول…
تحرس الحلم… وتبتسم للأمل الطفولي الجميل…
رَع يحمي كِمِت… عنخ ن ماعت ن إبت…ليحفظ رَع مصر… ولتحيا بالحق إلى الأبد…
سلام على من بنوا…
وسلام على من أكملوا…
وسلام على أرض اسمها كِمِت…تبدأ منها الحضارة…
ولا تنتهي عندها الحياة…
عنخ إن ماعت… حكاية ما بتموتش…الحياة في الحق… والحكاية في مصر ما بتخلصش…
 
                 
                    
                     
                 
                         
    
