الخميس 13 نوفمبر 2025 الموافق 22 جمادى الأولى 1447

الآبار الناضبة..ملف خطير والمشاكل لا تأتي فرادى

264
صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تصريح الوزير الأخير بأن عام 2026 سيشهد انطلاقة في حفر آبار الغاز الجديدة هو تصريح مريح إلى حد كبير، يعطي الأمل في دفعة قوية للإنتاج المحلي من الغاز، هذه الآبار مازالت قيد التحكم في مواقعها وتصميمها الهندسي لتكون في دائرة الأمان.

وفي المقابل، هناك آبار أصابها الكِبَر، واعتراها الضعف، وتوقفت عن الإنتاج، تُسمّى الآبار المهجورة أو المتروكة، وهي تمثل واقعًا حقيقيًا يعيش بيننا في صمت، وتعاني من ظواهر بعضها خطير مثل التسريب أو التآكل، إلى جانب مشاكلها الداخلية. أغلب الشركات تجزم بأنها آبار “ميتة” وغير قابلة للإحياء.

هذه الآبار، الموجودة برًا وبحرًا، يؤول معظمها إلى ملكية الهيئة والقوابض وإشرافها، كونها أصبحت أصولًا متهالكة (خُردة) بعد مغادرة الشريك لمنطقة التنمية، وهنا تكمن خطورة هذه الآبار المهجورة، لأن “استيقاظها” ولو للحظات قد يحدث فجأة ودون توقع، وتكون تداعياته مدمرة وغير محسوبة على مقياس الأمن والسلامة وكذلك القوانين البيئية الحاكمة.

لذلك، رسم القانون في جميع الاتفاقيات طريقًا فنيًا ورسمياً لتأمين تلك الآبار بشكل هندسي وعلمي سليم، يكون فيه المشغل أو الشريك مسؤولًا عنها وعن تكلفتها أثناء عمله وحتى بعد مغادرته، وللأسف، لا يتم تنفيذ هذا البند من القوانين على أرض الواقع، بل أصبح هناك اتجاه للتغاضي عن عملية التأمين عليها- التي تتحملها الهيئة حاليًا-بدعوى ترشيد الإنفاق.

ما لا ندركه حتمًا أن الكارثة ستكون غير محتملة مع أول حادث ينتج عن هذه الآبار، وهي بالعشرات.
إنه ملف ضخم وخطير به تفاصيل كثيرة، نضعه تحت نظر رئيس الهيئة والقوابض، ليطلبوا تقريرًا مفصلًا من كل شركة والنيابات المعنية عن حالة تلك الآبار، وما هي الإجراءات التي تُتخذ حاليًا ومستقبلًا لتأمينها بطريقة فنية سليمة، وما هو موقف التأمين عليها.

لا يجب أن تشغلنا تصورات المستقبل واحتياجاته عن آثار الماضي وتبعاته، ولا يمكن التغاضي عن تحصيل قيمة هذا التأمين من الشركاء الذين غادروا مناطق التنمية الخاصة بهم، فهناك حالات واضحة في هذا الموضوع الشائك لم يتم التعامل معها بحزم وبقوة القانون.

خروج هذه الآبار من الخدمة لا يعني تركها لعوامل الطبيعة تفعل بها ما تشاء وقتما تشاء، وإهمال قواعد تأمينها بطريقة فنية صحيحة، وخاصة تلك الموجودة في البحر.

حادث الحفار الأخير وما قبله يفتح ملف الحوادث الناتجة عن الأخطاء البشرية بقوة، وعادةً المشاكل لا تأتي فرادى، لذلك فإننا نُنبّه على ذلك مبكرًا، ورؤيتنا واضحة: منع تفاقم الأمور.
لا تُغفلوا ملف الآبار المهجورة، لأنها مجهول قد يفرض في لحظات واقعًا مظلمًا ومؤلمًا.

#المستقبل_البترولي




تم نسخ الرابط