أحياناً ننسحب من المعارك ، ليس جبناً ولاضعفاً ولا خذلاناً ، ولكن حقناً للكرامة ، ليس هذا فحسب ، ولكن من الأجدر أحياناً أن لايموت المرء...فالسير في نفق مظلم هو نوعاً من العبث والتهلكة، وهذا لايعني الإنسحاب ، لكنه يعني التدبير لمعركة جديدة وبأدوات جديدة...وكان من وصايا المجاهد عمر المختار لرفاقه :أن الإنسحاب أحياناً نوعاً من النصر، وأنه لامعنى في أن تموت شهيداً لمعركة أنت لست لها بكفء حتى يقال عنك أنك شجاع...وقد حارب الطليان قرابة العشرين سنة، وعندما سألوه: هل كنت تظن أنه بالقليل الذي لديك ستنتصر علينا؟؟ وكان جوابه: حاربانكم وذلك يكفي.
ويكفي أي إنسان شريف له قضية وهدف يدافع عنه أن يعبر عن ذلك بأدبٍ وأحترام ، فقد يكون من تحاربه يملك المال والنفوذ، لكنه لايملك الحق ، وقد تكون أنت أعزل ، بلا مال ولانفوذ ،لكن قضيتك هي الحق والفضيلة، حتماً ستنتصر...وعلينا أن نقرأ التاريخ جيداً، فكل المعارك التي خاضها عظماء التاريخ لم تكن معارك متكافئة، لكنها كانت صراعاً بين الحق والباطل ،بين صاحب أرض ومغتصب ، وجاءت النهايات تدعيماً للحق ..ولهذا على الجميع أن تكون خلافاتهم من أجل قضية وهدف ،من أجل مكارم الأخلاق، لا من أجل مصلحة شخصية ولاغرضٍ في النفس، فالذي يدافع عن الباطل لديه الحجة والمنطق ، والذي يدافع عن الحق لديه الحجة والمنطق ،فحتى الحرامي بيحب بلده، بس بطريقته ،والآن وفي ظل حالة الإحباط التي نعيشها، أصبح كل شيئ بلا هدف ولاقضية ،فحتى ماكنا نتمناه أصبح يحيط به الغموض، ومن ثم أصبح الدخول في معارك نوعاً من العبث...وقد أخطأ المثل عندما قيل : عيش جبان تموت مستور ، والأصح عيش جبان تموت مقهور!!!!!