للاعلان

Mon,16 Sep 2024

عثمان علام

أيمن حسين يكتب : هل مديرك سوي نفسيًا؟

أيمن حسين يكتب : هل مديرك سوي نفسيًا؟

07:28 am 01/09/2024

| رأي

| 1498


أقرأ أيضا: عصمت : تركيب 178 ألف عداد كودي خلال شهر لمنع سرقات الكهرباء

 

لا شك أن بيئة العمل هي المكان الذي يجب أن يسوده التعاون والإيجابية والود بين الزملاء لتحقيق الأهداف المشتركة لصالح الجميع. ومع ذلك، قد تظهر بعض العقبات التي تؤثر على هذه البيئة، وأهمها وجود بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية مقنعة أو هم شخصيات غير سوية بشكل أو بآخر ، مما يجعل علاقتهم مع زملائهم ليست كما ينبغي أن تكون.


هؤلاء الأشخاص قد يكونوا موظفين أو حتى مديرين، وقد يظهر في سلوكهم العديد من الممارسات الغير لائقة في مجال العمل، مثل التسلط أو العدوانية أو تعمد تهميش الآخرين والتقليل من شأن زملائهم. نرى أيضًا منهم من يتعامل مع بعض المهام على أنها سر حربي، يخفيها باستماتة حتى على من يعملون معه بنفس المهمة، معتقدين أن امتلاكهم المعلومات وحدهم يرفع من شأنهم أو يجعلهم في المقدمة مثلا ! وهذا بالقطع خطأ كبير شكلاً وموضوعًا. 


هناك العديد من السمات أو الممارسات السلبية التي تؤثر على من حولهم وعلى الأجواء في العمل بل على العمل ذاته.


لكن دائمًا ما يتبادر إلى ذهني هذا التساؤل: لماذا يظهر تأثير هذه الاضطرابات النفسية او هذه العقد بشكل اوضح  في اماكن العمل بصورة أكبر من أي مكان آخر؟


ومع تزايد هؤلاء الاشخاص بالطبع يتكرر هذا السؤال، بدأت أفكر في الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك، ووصلت لعدة أفكار ربما منها ما هو صحيح. على سبيل المثال، في بيئة العمل، يتفاعل الأشخاص بشكل مستمر مع بعضهم البعض ولفترات طويلة في مهام مشتركة، مما يجعل تأثير الصفات السلبية أكثر وضوحًا وضررًا . فالشخص المصاب باضطرابات نفسية أو عقد نقص أو صاحب شخصية غير سوية قد يكون ايضا لديه مشكلات في التعامل مع الضغط أو النقد أو المسؤولية بشكل عام، مما يؤدي إلى تصرفات عدوانية أو تسلطية. وحتى إن لم يتعرض لذلك، نرى أنه يصدر منه التصرفات التي ذكرناها لمجرد رغبته في أن يشعر بشعور معين ناتج عن نقص ما في شخصيته.

وايضا لا ننسى أن بيئات العمل غالبًا ما تكون هرمية، مما يعني أن بعض الأفراد لديهم سلطة أكبر من غيرهم، فهنا يبدو هذا المشهد بشكل اوضح خاصة إذا كان هؤلاء يعانون من اضطرابات نفسية أو عقد نقص . قد يستخدمون سلطتهم بشكل غير مناسب، مما يزيد من تأثيرهم السلبي على زملائهم أو مرؤوسيهم.


بالطبع، هناك أسباب أخرى قد تكون سببًا في توتر العلاقات في العمل أو التعامل غير المناسب، مثل المسؤوليات المتزايدة في العمل، التي تؤدي بالقطع إلى زيادة الضغوط والتوتر. هذه الضغوط يمكن أن تجعل بعض الأشخاص غير قادرين على التعامل معها بشكل صحي أو سوي، مما قد يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات النفسية الموجودة لديهم ويزيد من سلوكياتهم السلبية.


ولكن الحالة الأسوأ من حيث التأثير السلبي هي عندما يكون المدير هو من يعاني من اضطرابات نفسية غير سوية. فقد يظهر سلوكيات تسلطية، مثل النقد اللاذع أو التحكم الزائد في تفاصيل العمل، أو محاولة التعامل مع مرؤوسيه بأسلوب ينقصه الاحترام أو التقدير، وابراز كم هائل من عقد النقص التي تتشبع بها شخصيته.

ببساطة، هذه السلوكيات يمكن أن تخلق بيئة عمل سامة تؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية بين الموظفين، وزيادة معدلات التوتر، وتقليل الإنتاجية . وعلى المدى الطويل ، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل دوران الموظفين وعدم الاستقرار داخل العمل، حيث يسعى الموظفون إلى الهروب من بيئة العمل غير الصحية التي يسيطر عليها هذا المدير المريض نفسيًا وصاحب عقد النقص المتزايدة.

في هذا السياق، أشارت دراسة نشرتها مجلة "The Lancet" الأميركية إلى أن سوء بيئة العمل يمكن أن يزيد من خطر الانتحار. حيث تم تحليل بيانات من 15 دولة مختلفة، ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من ضغوط العمل، مثل التنمر أو التحرش من قبل المديرين أو الزملاء، يكونون أكثر عرضة للانتحار.

لكن كما اعتدنا أن نفكر معًا في الحلول بعد طرح المشكلة وكيف يمكن معالجة هذا الأمر.


أول شيء لابد منه هو الوعي والاعتراف بالمشكلة ذاتها. فالخطوة الأولى في معالجة تأثير الاضطرابات النفسية السيئة هو الاعتراف بوجودها. فيجب على الشخص المصاب بهذه الاضطرابات أن يكون واعيًا بسلوكياته وتأثيرها السلبي على الآخرين.


ومن الضروري أيضًا أن يسعى الأفراد الذين يعانون من هذه الاضطرابات إلى الحصول على المساعدة من متخصصين في الصحة النفسية. يمكن أن تساعد الاستشارة والعلاج النفسي في تحديد الأسباب الجذرية لهذه السلوكيات والعمل على تعديلها. فلماذا لا يكون في كل شركة أو مؤسسة تقييم نفسي دوري مثل التقييمات الخاصة بالعمل، ومحاولة الوصول لعلاج من خلال التوصيات التي تصدر عن هذا التقييم؟


أيضًا، لا بد من إتاحة الفرصة للمديرين للحصول على تدريب في مهارات القيادة والتواصل. من خلال هذه التدريبات، يمكن تعزيز الفهم العميق لكيفية إدارة الفرق بفعالية والتعامل مع الزملاء بشكل عام دون اللجوء إلى السلوكيات السلبية، مع احترام الآخرين وعدم التقليل من شأنهم.


يجب أن تسعى الشركات إلى خلق بيئة عمل تشجع على التواصل المفتوح والشفافية بشكل اكبر فلماذا لا يكون الدعم النفسي جزءًا من برامج الرعاية الصحية للموظفين مثل بقية الأمراض؟ لأنني على قناعة تامة بأن المرض النفسي هو مرض خطير مثل باقي الأمراض الخطيرة ولا يجب الاستهانة به خصوصا.


وفي النهاية، يجب أن تكون بيئة العمل مساحة تشجع على التعاون والاحترام المتبادل بين الجميع. فالعمل كفريق يتطلب التفهم والصبر والدعم المتبادل. فالاضطرابات النفسية يمكن أن تؤثر على هذه الديناميكية المطلوبة لإنجاح أي عمل، ولكن بالوعي والنية في العلاج والالتزام ببناء بيئة صحية، يمكن للجميع العمل معًا لتحقيق الأهداف المشتركة.

إن قيمة التعاون والود والسماحة في مكان العمل لا تُقدّر بثمن. العمل بروح الفريق الواحد يعزز الإبداع ويزيد الإنتاجية ويثري العمل بنسب أعلى بكثير من النسب العادية ويخلق بيئة عمل إيجابية يستفيد منها الجميع. ولكن من المهم أن ندرك جميعنا بشكل تام أن كل فرد لديه دور في خلق هذه البيئة، ولابد أن نعمل معًا على دعم بعضنا البعض لتحقيق النجاح المشترك.

كاتب المقال ..الأديب والشاعر: أيمن حسين

أقرأ أيضا: مدبولي يعتذر للسعوديين عن «نقل البيروقراطية من مصر إلى المملكة

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟