السبت 22 فبراير 2025 الموافق 23 شعبان 1446

د.عزة سامي تكتب: هل الكلمة أسرع من الضوء؟

359
المستقبل اليوم

عزيزي القارئ، هل فكرت يومًا في مدى قوة الكلمة؟ كيف يمكن لحروف قليلة أن تبني علاقة أو تدمرها، أن ترفع من شأن شخص أو تسقطه؟
قال الحكماء: "اللسان صغيرٌ جِرمه، عظيمٌ جُرمه". ومعنى "جِرمه" بكسر الجيم: حجمه ومساحته، ومعنى "جُرمه" بضم الجيم: خطره وتأثيره. في العقود الماضية، كان اهتمام الإنسان منصبًّا على اكتشاف بعض الحقائق العلمية، مثل الجاذبية الأرضية، والتساؤل حول أيهما أسرع: الصوت أم الضوء؟ أو البحث عن الأسرار الكامنة وراء الإنجازات المادية مثل بناء الأهرامات وقراءة رموز حجر رشيد.
أما اليوم، إلا من رحم ربي، فقد انشغل البعض بتشويش الحقائق أو تحريفها بدلًا من البحث عنها. ومن هنا تتجلى أهمية الكلمة وتأثيرها في مختلف مجالات الحياة.

قوة الكلمة وتأثيرها: الكلمة، يا سادة، هذه الحروف المتجمعة (ك-ل-م-ة)، التي كُتبت بها الدواوين وتحدث عنها العلماء والشعراء، هي الوسيلة الأساسية للتواصل، سواء كانت مكتوبة، منطوقة، أو رمزية. في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الكلمة الرقمية محفورة في الفضاء الإلكتروني، تُعاد مشاركتها، وتُحلل، وتُفسر بطرق مختلفة. باتت الكلمة سلاحًا ذا حدين، إما أن ترفع من شأن صاحبها أو تجرّه إلى الندم. اليوم، أصبحت الكلمة تنتقل أسرع من الضوء دون تبيُّن، تاركة أثرًا قد يصعب محوه.
ما دفعني إلى كتابة هذه الكلمات هو منشور قرأته على LinkedIn، يستهدف فئة من المحترفين الذين يستخدمون البريد الإلكتروني في بيئة العمل. وما قيل في هذا المنشور يمكن تعميمه على كل أشكال التواصل. (ما بين الأقواس ترجمة لأحد أجزائه:
ماذا لو تم قراءة رسائلك الإلكترونية في المحكمة؟ كل رسالة ترسلها يمكن أن تصبح إرثك - تذكر ذلك!
كل بريد إلكتروني أو رسالة أو منشور يمكن أن يظهر مرة أخرى في أسوأ وقت.
هل ستتمسك دائمًا بما كتبته؟ إليك قاعدة بسيطة يجب اتباعها: اكتب وكأن العالم يراقبك.
1. حتى رسائل البريد الإلكتروني غير الرسمية تستحق الاحترام، فالكلمات تعكس شخصيتك،
2. السمعة هشة، ويمكن لرسالة بريد إلكتروني واحدة غير مبالية أن تدمر سنوات من الثقة والمصداقية،
3. تذكر: كلماتك هي بصمة قدميك. فهي تدوم بعد مرور الوقت.
لذا، قبل الضغط على زر الإرسال، اسأل نفسك: هل سأقول هذا بصوت عالٍ في المحكمة؟)

ختامًا، كما أن القذيفة تحتاج إلى دقة في توجيهها قبل إطلاقها، تحتاج الكلمة أيضًا إلى وعي ومسؤولية... فهل ستفكر مرتين قبل أن تنطق أو تكتب كلماتك القادمة؟ لذا، دعونا نبدأ من اليوم بمراجعة كلماتنا، سواء في حديثنا اليومي أو في رسائلنا الإلكترونية، فالكلمة قد تكون إرثًا أو عبئًا.
إن قدر الله لنا في العمر بقية، فربما لنا في الحياة لقاء ...




تم نسخ الرابط