السبت 22 فبراير 2025 الموافق 23 شعبان 1446

د محمد العليمي يكتب: متعة الحياة الضائعة

293
المستقبل اليوم

في ظل تسارع وتيرة الحياة، يتلاشى الشعور بالبهجة الذي كانت تمنحه لنا أبسط الأشياء، فلماذا يحدث ذلك؟ قد يعود السبب إلى تغير الظروف من حولنا، أو تطور رؤيتنا للأمور، أو حتى للضغوط التي لا تنتهي، مما يجعل الاستمتاع بالحياة هدفًا بعيد المنال، لقد أصبحنا أسرى لعالم مليء بالضغوط، تحاصرنا المسؤوليات من كل حدب وصوب، سواء كانت مهنية، اجتماعية، أو عائلية، وأصبح سعينا الدؤوب لتحقيق المزيد يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، دون أن نمنح أنفسنا فرصة للتوقف والاستمتاع بما لدينا.

من ناحية أخرى، غزت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا، لتجعل المقارنة بحياة الآخرين أمراً يومياً، فتعرض لنا هذه المنصات لحظات مثالية قد تجعلنا نشعر بأن حياتنا أقل قيمة، ومع هذا التدفق المستمر للصور والمحتوى، نفقد تقدير ما نملك، ونربط سعادتنا بمعايير غير واقعية، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالخوف والقلق بشأن المستقبل يسيطران علينا، فالتفكير المستمر في المستقبل والقلق من عدم تحقيق النجاح أو الاستقرار، يُشغلنا عما نعيشه في اللحظة الحالية، مما يؤدي إلى تآكل الشعور بالسعادة.

المعضلة الأكبر ان مع مرور الوقت، نعتاد على الأشياء الجميلة في حياتنا، فما كان يبهجنا في الماضي قد يصبح مع الوقت مجرد أمر عادي، فالإنسان بطبيعته يعتاد ما يملك، مما يفقده الإحساس بالدهشة والحماس، ويدفعه للسعي دائماً نحو الجديد دون تقدير ما بين يديه، بالإضافة إلى ذلك، قد نفقد الشغف والمعنى في حياتنا، فالسعادة لا تتحقق فقط من خلال تحقيق الأهداف، بل من خلال الشعور بمعنى الحياة، فعندما نفتقد الشغف أو نعيش بلا هدف، تتحول أيامنا إلى روتين متكرر نفتقد بريقه تدريجياً.

لنصل في نهاية المطاف لمرحلة الإنهاك العاطفي والعقلي بسبب الضغوط اليومية، الأخبار السلبية، والاستمرار في العمل دون فترات راحة، كلها عوامل تؤدي إلى إنهاك عقولنا ومشاعرنا، مما يجعل الاستمتاع حتى بأبسط الأشياء أمراً صعباً. ولكن، هل يعني ذلك أننا فقدنا القدرة على الاستمتاع بالحياة إلى الأبد؟ بالطبع لا! رغم كل هذه العوامل، لا يزال بإمكاننا استعادة الشعور بالسعادة من خلال التركيز على اللحظات البسيطة، مثل قضاء وقت ممتع مع من نحب، أو تقدير تفاصيل الحياة اليومية فإعادة اكتشاف الشغف الداخلي وتحديد أهداف ذات معنى يساعدنا على استعادة التوازن، فقد لا تكون المشكلة في الحياة نفسها، بل في الطريقة التي نتعامل بها معها، فحين نتوقف عن ملاحقة السعادة كهدف بعيد ونبدأ في تقدير اللحظات الصغيرة، سندرك أن الاستمتاع بالحياة لم يكن مستحيلاً، بل كان يحتاج فقط إلى نظرة مختلفة. فهل نحن مستعدون لتغيير نظرتنا للحياة؟




تم نسخ الرابط