الإثنين 07 يوليو 2025 الموافق 12 محرم 1447

"خير الناس أنفعهم للناس"..محمد ابوالشيخ

278
المستقبل اليوم

قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "خيرُ الناس أنفعهم للناس"، حديثٌ وجيز في ألفاظه، عظيم في معانيه ومقاصده، يوضح فيه رسولنا الكريم أن خيرية الإنسان لا تُقاس بكثرة ماله أو مكانته ، بل بمقدار نفعه لمن حوله، وعطائه الصادق للمجتمع.

الحديث الشريف يربط بين الخير الحقيقي وبين تقديم العون للناس، فكل من يسعى لخدمة الآخرين، ويُسهم في تخفيف آلامهم، ويقضي حاجاتهم، ويزرع في قلوبهم الأمل، فهو من يعتبر من خيار الناس، هذا يشمل جميع صور النفع، سواءً كانت مادية كإطعام الجائع أو التصدق او فك الكروب ،أو معنوية كالنصيحة والتعليم والدعم النفسي والتشجيع .

والنفع لا يقتصر على الأغنياء أو أصحاب السلطة، بل يمكن لكل إنسان أن يكون نافعاً بما يملك؛ بالكلمة الطيبة، أو بالابتسامة، أو بالسعي في قضاء حاجة، أو حتى بالدعاء، فربّ عمل بسيط يكون عند الله أعظم من أعمال كثيرة ظاهرها كبير ولكنها خالية من الإخلاص.

نرى في مجتمعاتنا الكثير من الأشخاص الذين تركوا أثراً طيباً بسبب نفعهم للناس؛ طبيب يعالج المرضى بإخلاص، أو معلم يهب عمره لتعليم الأجيال، أو شاب يخصص وقتاً لمساعدة كبار السن، أو متطوع يسعى لنشر الخير في بيئته، أو شيخ وعالم ترك خلفة علوم يستفاد منها الأجيال القادمة ، هؤلاء هم اللبنة الحقيقية في بناء المجتمعات الراقية.

كما أن العمل النافع له أثر في حياة الناس، بل يعود أثره على صاحبه بالبركة في عمرة وفي ماله ، وراحة في نفسه، ومحبة في قلوب الآخرين، بل ويكون من الأعمال التي لا ينقطع أجرها حتى بعد الموت، كما قال النبي ﷺ: "إذا مات ابن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث..." ومنها: "علم يُنتفع به" و"صدقة جارية".

وأخيرآ أذكر أن في هذا الزمان كثرت فيه الحاجات، وتعددت به صور المعاناة، أصبح من الضروري أن نُحيي هذا المعنى العظيم في حياتنا وأن نكون نافعِين. ولنُدرك أن سعادتنا الحقيقية، وإرتقاءنا في مراتب الإنسانية، لا يتحقق إلا بخدمة الآخرين، ومشاركتهم آلامهم وآمالهم. فخير الناس بحق هو من كان أنفعهم للناس.




تم نسخ الرابط