عفريت ومسكوه كبريت.. شيماء محمد

في أول الشارع، قالوا فيه صوت غريب…وعلى الطريق، ميكروباص اتقلب، وماحدش فهم إيه السبب العجيب…
وفي البحر، مركب غرقت من غير عاصفة ولا موج رهيب…وفي الدور السابع، حريقة قامت من غير لا سجاير، ولا تسريب!
وساعتها، الكل قال بصوت واحد: “اللهم احفظنا… ده أكيد عفريت ومسكوه كبريت!”
ولا حد بص في المطبات اللي مالها آخر عالطريق،
ولا سأل عن سواق نايم من الشقا والتزنيق، ولا حد فكر إن المركب خرجت من غير صيانة ولا حتى تنسيق، ولا سألوا عن أسلاك الكهرباء المكشوفة في العمارة،
ولا عن طفاية الحريق اللي كانت للزينة… زي النجفة والإشارة!
إحنا بنخاف نواجه الحقيقة…فنرميها عالغيب، ونصدق إن الحل في الدجل، مش في النظام، ولا في الشغل، ولا في عقلك اللي بطل يشتغل!
كل ما تقع مصيبة نقول: “يا للعجب!”مع إن الواقع بيصرخ وبيقول: “أنا السبب!” بس إحنا نكتم عليه، ونقفل الباب،
عشان العيب ما ييجي علينا… ونرتاح من العتاب!
تعالوا نفكر سوا…هي دي أرواح بتروح في الهوا؟
ماس كهربا؟ نقول يمكن…بس الغريبة إنه بيلعب كالأراجوز…ويولّع في نفس المبنى… دور ورا دور! كل دور بيصرخ، واللي فوقه مستني الدور!
ولا الطريق وليلته، ولا سهر السواقين اللي قطع سيرتهم، عفريت ما بيظهرش غير لما تحصل الزنقة، وساعتها ننسى البنزين، والكاوتش، والفرامل، ونقول: “دي لعنة”… ما هياش غلطة عامل!
هو ليه العفريت ما بيلعبش غير مع الغلابة والشقايين؟ اللي بيجروا عالأكل، مش حتى ماشيين؟ ليه ما بنسمعش عنه في القصور؟ ليه دايمًا في عمارات التعبانين بيلف ويدور؟ ليه بييجي في مكتب مش مهجور،
وفي بحر من غير عوامات،
وفي طريق من غير نور؟
ما تدورش عالعفريت في الركن المظلم…دَوّر عليه في موظف نايم، ومدير غايب، وقرار هارب…وفكر كده بعقل وبوضوح…
ومتعلقش الملامة على عفريت مالوش وجود أو روح!
“وما عفريتٍ إلا بَني آدم…”عدى على الغلط وسابه، وسمّى الجهل في قلبه “حظ”، وقعد يحلف للناس كلها إنه اتظلم… وإنه ما غلطش!
ولو على العفريت… ده سهل أمره، بالمعوذتين نوقف شره!ويمكن نعاقبه من بعيد…ونقوله: “بطل لعب بالكبريت يا عفريت!”