الأربعاء 16 يوليو 2025 الموافق 21 محرم 1447

أنجلو جولد : مصر ليست مجرد سوق بالنسبة لنا .. إنها منصة استراتيجية

153
المستقبل اليوم

ألقت السيدة جيلين دوران المسئول المالي والمدير التنفيذي التنفيذي لشركة أنجلو جولد أشانتي العالمية المستثمر في منجم السكري للذهب ورابع اكبر شركات تعدين الذهب عالميا ، كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدي مصر الدولي للتعدين الذي افتتح أعماله المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية ، حيث استعرضت رؤية شركتها تجاه مصر كوجهة استثمارية جاذبة في قطاع التعدين و خططها للاستثمار في مصر ، وجاء نصها كالتالي :  

اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لمعالي المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية. فبفضل قيادته، قطعت مصر خطوات جريئة وملموسة نحو إعادة تموضع قطاع التعدين لديها، من خلال إطار تشريعي حديث، ومناخ استثماري أكثر جذباً، ورؤية واضحة وطويلة الأجل للنمو المستدام. إن التزام معاليه بإطلاق العنان للإمكانات التعدينية الكاملة لمصر، يسهم في استعادة مكانتها المستحقة على خريطة التعدين العالمية.

كما أود أن أُثني علي الهيئة المصرية للثروة المعدنية والصناعات التعدينية فباعتبار الهيئة شريكنا في منجم السكري، فأنها تلعب دوراً محورياً في ترسيخ شراكة قائمة على التعاون والمنفعة المتبادلة بما يحقق قيمة مستدامة لمصر وشعبها.

إنه لشرف كبير لي أن أكون معكم اليوم في هذه اللحظة الهامة – ليس فقط بالنسبة لشركة أنجلو جولد أشانتي، ولكن لمستقبل صناعة التعدين في مصر.

وقبل أن أتحدث عن استثماراتنا هنا، دعوني أُقدم لمحة موجزة عن شركتنا. أنجلو جولد أشانتي هي واحدة من أكبر شركات إنتاج الذهب في العالم، ويقع مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة، وتمتلك محفظة أعمال ومشروعات متنوعة تمتد عبر إفريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا. لدينا أكثر من قرن من الخبرة التشغيلية، وسجل قوي في مجالات السلامة والانضباط المالي، والتزام راسخ بالمسئولية البيئية، وبناء شراكات مع المجتمعات المحلية، والتعدين المسئول، إذ نؤمن أن النجاح طويل الأجل لا يُقاس فقط بما ننتجه من الذهب، بل بالقيمة التي نُضيفها للدول والمجتمعات التي نعمل فيها.

في نوفمبر الماضي، أتممنا عملية الاستحواذ على شركة سنتامين – في أول و اكبر صفقة استحواذ كبرى لنا منذ أكثر من عشرين عاماً. لم نتخذ هذا القرار جزافا ، ما يجعل من هذا الإنجاز محطة فارقة في مسيرتنا. وبالنسبة لنا في أنجلو جولد أشانتي، تمثل هذه الخطوة تصويت ثقة قوي – في الفرص الجيولوجية لمصر، وفي إمكاناتها البشرية الهائلة، وفي قوة مؤسساتها، وفي الدعم الحكومي المستمر لبناء قطاع تعدين تنافسي على مستوى العالم.

مصر ليست مجرد سوق بالنسبة لنا. إنها منصة استراتيجية – نرى فيها عاملاً حاسماً في تشكيل مستقبل صناعة التعدين في إفريقيا وما بعدها.

بالطبع، فإن إرث مصر التعديني يمتد إلى جذور الحضارة نفسها. فقبل آلاف السنين من ظهور آلات الحفر والشاحنات العملاقة، كان عمال المناجم في الصحراء الشرقية يستخرجون الذهب من العروق الصخرية بأدوات حجرية، مسترشدين بنفس التراكيب الجيولوجية القديمة التي نرسمها اليوم باستخدام الأقمار الصناعية. لقد جاء الذهب الذي زين مقابر الفراعنة – بما فيها مقبرة توت عنخ آمون – من نفس المنطقة التي يقع فيها منجم السكري اليوم. وهذه الأعمال القديمة المنتشرة في الصحراء الشرقية ليست ذات أهمية أثرية فحسب، بل تحمل أيضاً دلالات جيولوجية هامة.

تلك لم تكن مجرد محاولات عشوائية، بل كانت ثمرة فهم عميق للأرض وهباتها. واليوم، نحضر إلى مصر أدوات وتقنيات ومعرفة جديدة، ومعها مسئوليات جديدة، تمكننا من استكشاف الإمكانات الجيولوجية الهائلة لهذا البلد واستثمارها. ولكن الهدف يظل واحداً: إطلاق القيمة الكامنة في الأرض، ليس فقط لتحقيق الأرباح، بل لدعم التقدم والتنمية.

ومنجم السكري هو خير دليل على ما يمكن تحقيقه. فهو عملية تعدين حديثة ومتطورة يعمل بها أكثر من 97% من المصريين. ومنذ عام 2010، أنتج المنجم أكثر من 6.2 مليون أوقية من الذهب، وساهم إسهاماً ملموساً في الاقتصاد المصري .

لكن هذه ليست سوى البداية. وربما يكون الجانب الأكثر إثارة في هذه القصة هو أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر مربع من المناطق المرخصة للاستكشاف لم تُستغل بعد وفقاً للمعايير الحديثة.

ولا تزال أجزاء واسعة من الدرع العربي النوبي في مصر غير مكتشفة بشكل كافٍ. ونحن في أنجلو جولد أشانتي نتمتع بخبرات فنية عميقة، وفريق استكشاف يُعد من أنجح الفرق في العالم في اكتشاف المناجم الجديدة. كما أننا نتميز بالانضباط الاستثماري وسجل حافل في بناء مشروعات طويلة الأجل في بيئات متنوعة للغاية. ونتطلع إلى تطبيق نفس النهج الذي حقق لنا النجاح لسنوات طويلة – من خلال اكتشافات جديدة، وتنمية القدرات المحلية، وتحويل إرث السكري إلى منصة أوسع للتنمية الوطنية.

وأود أن أكون واضحة تماماً: نحن لا نبحث عن أرباح قصيرة الأجل. بل نحن هنا للعمل مع معالي الوزير بدوي وشركائنا في مصر لبناء منظومة تعدين طويلة الأجل؛ منظومة تنافسية وشفافة ومتوافقة مع أعلى المعايير الدولية. وكما هو الحال مع الوزير وقيادة الدولة على أعلى المستويات، فإننا نتشارك رؤية قطاع يخلق فرص عمل وينمي المهارات؛ ويوازن بين العائدات الاقتصادية طويلة الأمد والمسؤولية البيئية والاجتماعية.

وبصفتي المدير المالي التنفيذي، فإن لي شرف ومسؤولية ضمان أن تعود استثماراتنا بقيمة حقيقية ومستدامة، ليس فقط للمساهمين، بل أيضاً للدول والمجتمعات المضيفة. ويتطلب ذلك الحفاظ على الانضباط في تخصيص رأس المال، وتعزيز التعاون مع الحكومات، وتعزيز مبادئ الاستدامة في جميع جوانب عملياتنا.

وبمعنى من المعاني، فإن مصر لا تكتشف الذهب من جديد – بل تستعيد مكانتها في قلب قصة الذهب العالمية. قصة بدأت منذ آلاف السنين وتدخل اليوم فصلاً جديداً وجريئاً، تعود فيه مصر لتتبوأ موقعها في الصدارة.

وكما يقول المثل العربي: "ثروات الأرض للجميع."
وتلك هي الفكرة التي تقوم عليها فلسفة عملنا في أنجلو جولد أشانتي – قيمة مشتركة، وشراكة طويلة الأجل.

نحن نُثمن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية لجعل قطاع التعدين أكثر جذباً للاستثمار. وستكون مواصلة التقدم نحو شراكات تجارية مرنة، والمضي قدماً في الإصلاحات الخاصة بإجراءات الترخيص والشفافية المالية، إلى جانب تطوير البنية التحتية العالمية المستوى – كتلك التي نشهدها في العاصمة الإدارية الجديدة – عناصر رئيسية في جذب موجة جديدة من الاستثمارات العالمية.

وفي أنجلو جولد أشانتي، نحن فخورون بمساهمتنا في هذا المسار.
لقد أسهمت مصر كثيراً في تاريخ الذهب. واليوم، أمامها فرصة لصياغة مستقبله.




تم نسخ الرابط