التاريخ السري لتطور بدل الانتقال في شركات البترول
رفع العاملون بقطاع البترول سقف طموحاتهم في الحصول على زيادات مؤثرة، وخاصة فيما يتعلق بما يُعرف بـ بدل الانتقال. وجاء ذلك بالتزامن مع الارتفاع الأخير في أسعار الوقود بجميع أنواعه.
ويملك بدل الانتقال تاريخاً طويلاً من التطور داخل القطاع، إذ تنص كافة عقود العاملين على مسئولية الشركة في نقل الموظف من وإلى مقر عمله من أقرب نقطة لمحل سكنه. وكانت معظم الشركات والهيئة تمتلك أسطولاً ضخماً من حافلات النقل الجماعي والسيارات الخاصة لنقل الموظفين والقيادات عبر خطوط سير متعددة.
ومع زيادة أعداد العاملين،وظهور الشركات الصغيرة، وارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة لهذه الخدمة، بدأت الشركات في تطبيق ما يُعرف ببدل الانتقال، وكان في البداية اختيارياً بين استخدام وسيلة النقل المتاحة أو الحصول على البدل. وتدريجياً اختفت منظومة النقل الجماعي للموظفين مع انتشار السيارات الخاصة وتسهيلات شرائها، ولم يتبقّ منها إلا القليل لخدمة قيادات الإدارة العليا فقط.
كان بدل الانتقال في بدايته شأناً داخلياً يخص كل شركة وفقاً للائحة الامتيازات الخاصة بها، إلى أن تدخّلت السلطة المركزية وحددت سقفاً لهذه الميزة، ومنعت إجراء أي زيادة عليها دون موافقة مسبقة. وبالتأكيد أدى ذلك إلى تفاوت كبير بين مستويات البدل في الشركات المختلفة، وأصبح عاملاً مهمًا في تفضيل العاملين للعمل في شركة دون أخرى. لذلك فإن أي زيادة متوقعة ستكون بنسبة مما هو معمول به حالياً داخل كل شركة، وهو ما لن يرضي أي طرف في هذه المعادلة الصعبة.
ما زالت لوائح الانتقال في الشركات تستند إلى أسعار ما قبل عام 1999، وهو تاريخ اعتماد اللائحة السارية حتى الآن، وهي بالطبع لم تعد قابلة للتطبيق على أرض الواقع. لذلك اتجهت الشركات إلى دفع التكلفة الحقيقية للتنقل في المهام الرسمية فقط، مثل أعمال البريد وما في حكمها، بناءً على مستندات الدفع، وهي ما تعرف ب (تذكرة – فاتورة).
وتظل الاستفادة من هذا البدل محل تفاوت كبير أيضاً؛ فهناك من يسكن قريباً من مقر عمله، وهناك من يأتي من محافظة أخرى، والفارق بينهم شاسع. ولهذا فإن أي محاولة للتعديل أو الزيادة ستظل غير مرضية لأي طرف، كما أن التدخل فيها سيزيد حدة التباين بين الشركات ولن يحل المشكلة من جذورها.
هذا البدل تحديداً يحتاج إلى دراسة خاصة تشارك فيها جميع الشركات، تأخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي لكل شركة، وتحدد التكلفة الواقعية للكيلومترات المقطوعة بناءً على عدد العاملين ومواقع إقامتهم. ثم يتم وضع تصور لتكلفة النقل الجماعي في حال إعادة تطبيقه، ودمج هذه الأرقام في دراسة شاملة لتحديد متوسط مناسب لاستهلاك يومي للوقود لكل عامل، تُدفع قيمته وفقاً لأسعار الوقود السارية. وسيكون ذلك أقرب نموذج لتحقيق العدالة بين الجميع، ويتيح المرونة اللازمة للتعامل مع تغيّر أسعار الوقود دون انتظار زيادات موسمية مرتبطة بالمناسبات.وهو الأمر الذي يجب البدء فيه بأسرع وقت.
المستقبل البترولي