د•عزة سامي تكتب: من الاحتفال إلى الإصلاح - ثقافة قيادية جديدة
لم يكن العيد الخمسون للبترول مجرد مناسبة للاحتفال، بل محطة لإطلاق مسار إصلاحي جديد يعيد صياغة الثقافة التنظيمية داخل القطاع. في قلب هذه المرحلة، يبرز نموذج إداري مختلف يقوده المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، يقوم على الحضور الميداني والتواصل المباشر مع العاملين.
هذا النمط الإداري يتجلى في جولات الوزير وفريقه على مواقع الإنتاج ومقرات الشركات، والاستماع المباشر للعاملين، والاقتراب من تفاصيل العمليات على الأرض حيث لا تقتصر الزيارات على الطابع البروتوكولي، بل تتحول إلى عملية تغيير ثقافي حقيقية.
فالأدبيات الأكاديمية تؤكد أن القيادة بالحضور الميداني (Leadership by Walking Around) ترفع الثقة، وتقلّل الفجوات التنظيمية، وتعزز دقة القرار (Kotter, 2012; Yukl, 2013).
وقد انعكس ذلك في القرارات الأخيرة التي أعلنها الوزير خلال احتفالات العيد الخمسين، والتي تضمنت حزمة إصلاحات لتحسين بيئة العمل وتعزيز الاستقرار الوظيفي، في استجابة واضحة لمطالب العاملين ومعالجة الضغوط التشغيلية والإنسانية داخل القطاع.
تحديات الشركات:
في المقابل، لا تزال بعض شركات القطاع أسيرة أنماط إدارية تقليدية تقوم على الانعزال داخل المكاتب والانشغال بالمجاملات والمطالبات الفردية، حيث يحيط بعض الرؤساء والمديرين أنفسهم بدوائر مغلقة، بينما تتراكم الشكاوى ويتسع شعور العاملين بأن أصواتهم لا تصل، حتىينفجر صمام الصمت على الممارسات غير العادلة.
هذا الفارق بين "القيادة الحاضرة" و"القيادة المنعزلة" ليس تفصيلاً بسيطًا، بل هو محور نجاح أو تعثر أي منظومة إنتاجية. فالدراسات تشير إلى أن المؤسسات التي يمارس قادتها تواصلاً ميدانيًا نشطًا ترتفع فيها الإنتاجية بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالمؤسسات ذات الإدارة المكتبية البحتة (Harvard Business Review, 2021).
الحلول المقترحة:
• فتح قنوات اتصال مباشرة بين كل موظف وإدارته العليا، بما يسمح للمرؤوسين بتقديم مقترحاتهم أو الإبلاغ عن أي مظالم، دون الحاجة إلى اعتمادهم على وسطاء أو المحيطين.
• تطوير قنوات الاتصال الداخلية مثل منصات اقتراحات، واجتماعات منتظمة، وخط شكاوى محمي لضمان وصول صوت كل موظف.
• تدريب القيادات العليا على مهارات الاستماع الفعال والتعامل الموضوعي مع القضايا الفردية.
وهكذا، فإن مستقبل قطاع البترول لن يُصنع خلف المكاتب، بل في الميدان حيث تُبنى الثقة وتُصاغ القرارات.
إن قدر الله لنا في العمر بقية، فربما لنا في الحياة لقاء .....