الأربعاء 26 نوفمبر 2025 الموافق 05 جمادى الثانية 1447

حركة تنقلات الأمس وحسابات الأمتار الأخيرة

1537
المستقبل اليوم

لكل قرار حساباته وتوقيته، وإذا جاءت القرارات خالية منها انقلبت وبالاً. وحركة الأمس الخاصة بالشئون المالية وتسكين شركة بتروسيلة يبدو أن لها حسابات خاصة في سرعة إعادة توظيف القيادات المالية مع بعض رؤساء الشركات الجدد، وتدوير البعض منهم لإحداث فارق بشكل أو بآخر حسب ما توافر من معلومات. وكذلك كان ملء فراغ شركة بتروسيلة على الرغم من أنها شركة ليست محورية في الأحداث.

وعندما تأتي مثل هذه القرارات في الأمتار الأخيرة، والانتخابات البرلمانية على وشك الانتهاء في منتصف الشهر القادم، وبداية عقد تشريعي جديد يعقبه تشكيل سلطة تنفيذية جديدة ترى قدرات المتنافسين في كلا السباقين — فيما يسمى بدهاء الأمتار الأخيرة — يصبح للمشهد قراءة مختلفة.

في هذه المرحلة يتنحّى المراهقون والهواة جانباً، ويرتضون بالجري خلف المحترفين الذين يستطيعون إدارة قوتهم وجهدهم طوال فترة السباق وتوفير طاقتهم لهذه المرحلة الحاسمة. عادةً ما تجد الهواة يفتعلون الضجيج قبل نهاية السباق بفترة ليست بالقصيرة، وعند الوصول إلى المراحل الحاسمة تجد أن أنفاسهم قد تقطعت، وأن أحلامهم في الفوز أصبحت أوهاماً. وهناك من يتعمد افتعال المشاكل لعل وعسى ينجح في إعادة السباق، وهذا من أحلام المراهقين والخائفين من الرسوب في الامتحان، وكلا النوعين تذهب أحلامه وآماله أدراج الرياح.

رؤية الحركة الأخيرة تبدو واضحة، وأنها من أدوات الأمتار الأخيرة. وإذا قرنتها بمقابلة الرئيس لرئيس شركة إيني العالمية في هذا التوقيت، في اجتماع حظي بشخصيات رفيعة المستوى، وكذلك المحادثات السياسية مع دولة قبرص، فعليك أن تدرك أن هناك معركة تُدار على مدار الساعة، وكل خطوة فيها محسوبة بدقة وعناية.

كل هذا لا يعني أن السباق قد انتهى، لكن المؤكد أنه دخل مرحلة حامية الوطيس، يفوز فيها الأكثر هدوءاً وصاحب القدرة على إخفاء الأوراق التي يملكها وكذلك مشاعره وأمنياته الخاصة.

شخصيات الحركة الأخيرة لا تعني الكثير في هذه المرحلة، لكن الأهم هو مضمون التغيير والتسكين كأحد أدوات فرض النظام والقدرة على الإدارة السليمة في أحد أهم فروع العمل بالقطاع وأكثرها حساسية، وإغفالها لفترة أطول يمثل نقطة ضعف عميقة.

بالطبع ما زالت هناك ثغرات يجب معالجتها بمنتهى السرعة والحسم لسد الطريق أمام محاولات إظهار وجود انفلات في مؤسسات وشركات كبرى، ووضع عنوان غير صحيح للمرحلة السابقة. وهنا يأتي دور قرارات الحسم قبل قرارات الاعتبارات السياسية التي تأخذ وقتاً طويلاً في التدبير والتحليل، وحبذا لو تمت القرارات الحاسمة في ثوب سياسي، فعندها تكون بالفعل «ضربة معلم» كما يُقال بالعامية.

لا وقت للمجاملات والاعتبارات؛ مصلحة القطاع فوق كل اعتبار. ومن يتصدى لإدارة مثل هذا القطاع الشائك المزدحم بالمشاكل عليه أن يقامر بقوة في اللحظات الأخيرة؛ فإن كان الربح فبها، وإن لم يكن، فيكون شرف أداء الواجب هو الجائزة، وهذا يكفي.

الأيام القادمة ستكشف جلياً من صاحب الجواد الرابح، ومن سيدفع الثمن غالياً.
#المستقبل_البترولي




تم نسخ الرابط