الخميس 04 ديسمبر 2025 الموافق 13 جمادى الثانية 1447

شخصيات على طاولة الأحداث: ياسر رمضان(4)

182
المستقبل اليوم

عادةً ما كانت الكتابات الخاصة بالثروة المعدنية ورئيسها لا تجد الكثير من الاهتمام من أغلبية العاملين في القطاع، بعد أن ظل هذا الفرع يمثل دور “الابن الضال” الذي لا يعيره أحد اهتمامًا على الرغم من أهميته الاستراتيجية.

جاءت أولى إرهاصات التغيير بعد إصرار الوزير السابق على تعيين ياسر رمضان، ابن “خالدة للبترول”، رئيسًا لتلك الهيئة، رغم تصاعد احتجاجات كبيرة من الحرس القديم الذي ظل بمعزل عن أحداث القطاع وأصابه الجمود، واعتبر الهيئة حكرًا عليه. ودخل ياسر رمضان الهيئة على أسنّة الرماح كما يقولون.

كان تعيينه في هذا المنصب هو أول محاولات رتق الفاصل بين قطاع التعدين وقطاع البترول؛ قطاع يعاني من إهمال جسيم، حائر بين إجراءات حكومية بالية وخدمات لوجستية متدنية، وانتقادات لاذعة من خبراء التعدين في مصر نتيجة التيبس الحاد في مفاصل العمل به. وكان التغيير الوزاري وتقلد الوزير كريم بدوي مقاليد الوزارة بداية حقبة نوعية جديدة، ويبدو أن تكليفات رئاسية قد صدرت إليه بتطوير هذا القطاع، على الرغم من إلغاء منصب نائب الوزير للثروة المعدنية الذي شغله علاء خشب لسنوات في عهد الملا. وكانت التعديلات التشريعية أحد أهم الخطوات التي اتخذت لإعادة وضع هذا القطاع في منظومة اقتصادية واضحة المعالم، تحظى بمظاهر التطور التي تُعد سمة كل المشاريع الاستثمارية في العالم، والتخلص من الروتين الحكومي الذي عصف به لسنين طويلة.

انطلق ياسر رمضان مع الوزير في رحلاته المكوكية في مشهد يشبه ما حدث مع المهندس يس محمد في قطاع الغاز، وأصبح يجوب العالم للتسويق وجذب المستثمرين، وعمل الوزير على تدعيم الهيكل الإداري بالهيئة بعدد من المعاونين، وإن لم يظهر لهم تأثير واضح حتى الآن.

تحديات هذا القطاع وهمومه ضخمة، وهي جاثية على صدره منذ زمن، وخبراء التعدين يعرفونها، وهي تتطلب وقتًا ومجهودًا غير محدود. أيضًا استراتيجيات العمل التعديني في العالم تتغير بصورة مذهلة، والتسابق بين الدول على استقطاب المستثمرين يتزايد بشكل كبير مع تقديم مغريات ضخمة لهم.

وتطل العوامل الجيوسياسية برأسها؛ فما بين تغيرات أسعار الذهب ودور الفيدرالي الأمريكي في إعادة تسعير احتياطياته منه، إلى الحرب الدائرة على المعادن النادرة والثمينة التي تدخل في صناعة الرقائق والإلكترونيات والسيارات في أوروبا الشرقية، والحروب الإقليمية بجوارنا للسيطرة على مناجم الذهب… كيف لنا أن نتعامل مع كل هذه الأحداث والمنافسة الشرسة الدائرة حاليًا في المجال التعديني العالمي؟

لا يمكن أن نطالب بالتغيير بين عشية وضحاها، وقد أوضحنا أن التسرع في عقد المنتدى التعديني خلال ذروة الحرب الإقليمية لن يأتي بأهدافه. ولكن نجد لزامًا أن نلفت النظر إلى العديد من المشاريع التي توارت أخبارها، مثل مصنع تنقية الذهب ودمغه الذي وضع حجر أساسه الوزير السابق. ومشروع الرمال السوداء والبيضاء لاستخراج السيلكا، وماذا تم فيهما؟ وكذلك المعادن النادرة الموجودة بالأطنان في الطمي المتراكم خلف السد العالي وضرورة دراسة هذا الملف الخطير مع هيئة السد العالي والمعامل البحثية.

الذهب ليس كل ثروتنا، فنحن نملك الكثير من الثروات الأخرى. والفوسفات ومركباته –على سبيل المثال– أصبح ذا أهمية كبيرة في زيادة التصدير. وكل ما علينا أن نفكر بطريقة مختلفة ليكون ذلك قيمة مضافة مؤثرة.

طُويت صفحة الماضي في هيئة الثروة المعدنية بكل ما فيها من قصور وإهمال، وأصبح لزامًا فتح صفحة عمل جديدة بعد تطبيق قانونها الجديد. لذلك دعونا لا نتعجل التقييم أو إبداء الملاحظات؛ فالمسار ما زال طويلًا، ونحن في الانتظار… ونتمنى ألا يطول.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط