السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق 20 جمادى الثانية 1446

محمد رضا من مهندس بترول لأشهر فنان شعبي

70
المستقبل اليوم

محمد رضا من مهندس بترول لأشهر فنان شعبي

 

تحتفل رزواليوسف 21 ديسمبر المقبل بمئوية ميلاد الممثل الفنان «محمد رضا» الشهير بتجسيد شخصية» المَعلّم » ابن البلد الشهم الطيب الرجل الشعبى خفيف الظل  صاحب مدرسة كوميديا مستقلة، خلق العديد من الافيهات رغم مرور 26 عاما على رحيله إلا أنها باقية. رحلة ومسيرة من مهندس بترول إلى أشهر معلم بالسينما المصرية.
 
ومن خلال الدورة 37 لمهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط، برئاسة الكاتب والناقد «الأمير أباظة» رئيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما الذى اعتاد التفرد باختياراته الجادة للكتاب السينمائى وحمل على عاتقه الجدية والارتقاء بكتاب المهرجان أنه ليس مجرد كتاب للتكريم بل كتاب المصداقية عنوانه، وسطوره وصفحاته موثقة بدقة. الاحتفاء الأول بالمعلم رضا من خلال مهرجان الاسكندرية وتكريم ابنه أحمد محمد رضا بعد 26 عاما على رحيله. بالإضافة إلى الإصدار الأول عن مسيرته بكتاب «محمد رضا.. معلم السينما المصرىة» للكاتب الصحفى والناقد الفنى طارق مرسى ..

 

  قدم «مرسى» رؤية نقدية تتبع أعماله سينما مسرح دراما تليفزيونية، وقام بتحليل الشخصيات التى جسدها إلى أن حصل على لقب معلم السينما، وقسمها الكتاب أربعة فصول يتخللها مساره الفنى بدءًا من البدايات، الستينيات، السبعينيات،الثمانينيات، التسعينيات، صبيان المعلم وثنائياته مع القديرة نبيلة السيد، ووصولًا بأشهر إفيهاته عابرة الأجيال واستخدامها فى  "كوميكس"


 بالإضافة إلى الكشف عن الشخصيات الداعمة والتى شكلت نقاط التحول فى مشواره، وبالأخص الداعم الأكبر من أستاذنا الكاتب القدير الراحل محمود السعدنى، وملك الترسو فريد شوقى. وقائمة كبار المخرجين على قمة القائمة المخرج نيازى مصطفى وحصلية أفلامه معه 15فيلمًا، والكتاب يتضمن صورًا لأفيشات أفلامه، وخصص ملفًا كاملًا فيلموجرافيًا مرتبًا ترتيبًا دقيقًا.

 

«السعدنى كسب الرهان»


بالصفحات الأولى تحت عنوان «مهندس بدرجة مَعلِّم » إشارة شديدة الأهمية إلى ما كتبه أستاذنا الكاتب القدير «محمود السعدنى» بكتابه المتفرد «المضحكون» عام 1967 يقول طارق مرسى: كتب «عمنا وتاج راسنا الراحل العظيم الكاتب العملاق «محمود السعدنى» وبصم بالعشرة» بأن محمد رضا هو المعلم الأول والأخير وهذا إقرار منه بذلك فى كتابه، وكسب الرهان بامتياز. وأعاد «السعدنى» طبع الكتاب عام 1995 ورفض كما يفعل كعادة الكتاب بالإضافة والتنقيح وأصر على أقوله وعلى ما كتبه ولم يكتف بالثبات على أقواله ليكسب الرهان بل إنه فى نهاية طبعة 95 منحنا درسًا خصوصيًا فى أهمية النقد الحقيقى الذى يصدر من ذات الناقد ومن إحساسه، السعدنى كان يملك ليس فقط نعمة «الحدس» بل الحاسة السادسة والسابعة التى لم تكتشف حتى الآن. خصص «السعدنى» الفصل الخامس عن الفنان محمد رضا تحت عنوان «الأخير» ووصفه بأنه أعظم المضحكين والمعلم الأول والأخير لأنه حطم الرقم القياسى فى تجسيد شخصية المَعلّم على الشاشة بتنوع واقتدار وبأسلوب فنى غير مسبوق أو ملحوق، قبل نشر كتاب السعدنى وحافظ على نفس اللقب بعد نشره وحتى وفاته فى 21 فبراير عام 1995 وبعد نشر الكتاب.

«الأخير»


 بمقالة أستاذنا محمود السعدنى بعنوان «الأخير» قدم رؤيته الاستشرافية عن دور ابن البلد فى السينما المصرية و المَعلّم محمد رضا وذكر: أنه كان يتمنى أن يصبح ممثلًا مثل شكرى سرحان، دخل الفن فى البداية من باب الأفندية، وظهر فى أفلام فى دور وكيل نيابة ربما مرة واحدة بدور ولد حبوب. إلا أنه تألق فى دور المَعلّم «كرش» كأنه كرشه الحقيقى وكأن نجيب محفوظ لم يكن يقصد أحدًا حين كتب الدور سواه. ثم بدأ محمد رضا رحلته العجيبة والولد الشقى ورضا بوند. وعلى المسرح استطاع أن يؤكد موهبته فى النصابين والحرافيش والمفتش العام. وفى السينما استطاع أن يقوم بدور البطولة فى رضا بوند وهذا الشيء الذى لم يحدث لأحد من قبل. وأعتقد أنه لن يحدث لأحد مثله بعد ذلك. وإذا كان رضا هو أول ممثل من نوعه يقوم بدور البطل، فهو أيضًا الأخير. وهو أيضًا سيكون الأخير فى هذا اللون.فلن يظهر بعد محمد رضا ممثل آخر فى دور ابن البلد، وسيظل محمد رضا متألقًا  فى هذا الدور حتى يموت ولكن بموته تموت هذه الشخصية، حتى الذين ظهروا بعده ماتوا لحظة الميلاد ليس بسبب موهبة محمد رضا فقط بل لأن هذه الشخصية الآن فى سبيلها إلى الانقراض وبعد ربع قرن على وجه التحديد سيختفى أولاد البلد من حوارى القاهرة ومن الإسكندرية  ومعهم أيضًا سيختفىى الترزى العربى والمكوجى الرجل.

 

«الساخر والمَعَلّم»


الكاتب الصحفى أكرم السعدنى الذى أكمل المشوار مع المعلم رضا وتمتع بعلاقة وطيدة معه وأولاده وفى مقدمتهم أحمد الابن الأكبر وأكرم ورث موهبة الحكى.. وعن علاقة الساخر ب المَعلّم ذكر «أكرم السعدنى»: أبويا أخذ محمد رضا أوائل الستينيات حارة الفلاحين بشارع الفاتح المتفرع من شارع البحر الأعظم الحارة كانت مقر وسكن كبار المَعلّمين فى مصر: الحاج سرور أبوهاشم، الحاج سيد مخمير،الحاج إبراهيم نافع. هذا الرباعى استقبلوا محمد رضا وقالوا له: أنت أعظم فنان مثلنا بشكل دمه خفيف، وأنت حبيب الناس وأن خفة دمك هى المفتاح اللى دخلنا به قلوب الناس، لكن يا مَعلّم فى حاجات كده عند المَعلّم لازم يظهر بيها. 


المَعلّم اللى معندوش كرش ميبقاش معلم، لأنه إنسان شبعان فى كل حاجة  مش غنى فرد عليهم محمد رضا: مانا بلبس مخدة، قالوا له: مينفعش لازم يبقى كرش طبيعى، والمعلم  لازم ياكل فتة وكوارع، فقالوا له: الأستاذ محمود السعدنى مَعلّم ، قالوا له: لأه ده قصة تانية، ده مَعلّم كتابه ومحدش بيشوفه أنت الناس شايفاك. 


وكون المَعلّمين فرقة على حسابهم كانت الأولى من نوعها فى الوطن العربى، وكانوا رؤساء مجلس إدارتها اسمها «فرقة ابن البلد المسرحية» وكل واحد فيهم دفع من جيبه 100 جنيه لتأسيسها، وأجروا مسرح متروبول والجمهورية الخيام، وعرض أعمالهم من تأليف محمود السعدنى وبطلها محمد رضا 3 أعمال هى «النصابين» قام فيها محمد رضا بدور المعلم رضوان، «البولوبيف» قام بدور المعلم قطب، «بين النهدين» قام بدور المعلم المعلم عزوز.

 

«جعلونى معَلمًا»


كتب «مرسى»: ما أحوجنا الآن إلى نموذج ابن البلد الطيب الشهم أبو دم خفيف من دون ابتذال وإسفاف على الشاشة. الاسم الأصلى «محمد رضا أحمد عباس»  الأسيوطى المولد الباشمهندس الحاصل على دبلوم الهندسة التطبيقية العليا 1938. ولحبه فى التمثيل وإيمانه بأنه موهبة لا بد أن تصقل بالدراسة، التحق بمعهد الفنون المسرحية وحصل على بكالوريس 1953. بعد تخرجه عمل مهندس بترول بشركة «شل» بالسويس. والتحق بفرق التمثيل وأسس فرقة السويس المسرحية للهواة عام 1945، وبعد نضال شعب السويس ضد الاحتلال الإسرائيلى قرر إعادة الفرقة لتخليد بطولات أبناء السويس باسم «فرقة المَعلّم ».


  نجح «رضا» فى تجسيد المَعلّم بصدق وحب رغم أنها بعيدة عن طموحه الفنى حيث كان يحلم بتجسيد  شخصية «الفتى الوسيم» وأن يكون نجم شباك و«جان» فى السينما لكن العيون الفنية جعلته مَعلّمًا، استسهل المخرجون الشخصية وكما تجرى العادة فى هذا الإطار واستسلم المحب لشخصية المعلم بل أخلص لها، ولكنه رفض أن يكون حبيس الشكل الواحد فيها وقرر أن ينوع فيها بطريقته. كان يعد مستلزمات الدور بنفسه تحول إلى ماكيير ومصمم ملابس لنفسه. 


 انضم إلى شلة معَلّمين حقيقيين فى الجيزة هم الأشهر فى مصر فى ذلك الوقت تعلم منهم الرجولة والشهامة بصحبة الكاتب الكبير «محمود السعدنى» وهو من أوائل من آمنوا بموهبته، يملك مقومات جسدية وجديته وتكوينه مع طيبة قلبه وثقافته وكانت مقدمات انتزاعه دور المعلم وابن البلد وأيضًا كل الأدوار التى جسدها من سجين إلى وكيل نيابة ومأمور قسم ومن سائق قطار ولورى إلى شيخ بلد وعمدة وباشا وبيه ورجل أعمال.
«فريد شوقى والتبشير بالمعلم»


مشواره الفنى 50عامًا وحوالى 300  فيلم، بدأ حياته فى المسرح كهاو بفرقة نجيب الريحانى لمدة 4 أشهر، كان يحفظ جميع الأدوار فى الرواية التى تعرضها الفرقة على أمل أن يتخلف أحد الممثلين الكبار ويلعب دوره. الأربعينيات شارك بفليمين «جوز الاثنين» 1947 دور كومبارس قصير، «أميرة الأحلام1947». أوائل الخمسينيات مسرحية الحرافيش دور المعلم هيصة، 1953 فيلمان «السيد البدوى» دور قائد الجند  بمصر، «قطار الليل» دور سائق قطار البضاعة.


  نقطة تحول فى مشواره كانت1954 مع فريد شوقى الذى بشر بمولد ابن البلد المَعلّم الطيب. آمن فريد بموهبته ودعمها بإصرار رأى فريد شوقى كمنتج ونجم شباك أنه خامة تصلح لأدوار متنوعة من بينها المَعلّم الشعبى فى «فتوات الحسينية» وترجمت علاقتهما فى أكثر من 22 فيلمًا فى الفترة من عام 1955 إلى 1959 منها  جعلونى مجرمًا، بورسعيد، الفتوة، سواق نص الليل، سلطان، سيجارة وكاس، أهل الهوى - شياطين الجو، صراع مع الحياة، الأخ الكبير.. وغيرها.

 

«سينما الستينيات» 


قدم حوالى50 فيلمًا كانت فترة غنية سينمائيًا 1961 قدم 7 أفلام بمعدل كل شهرين فيلم  منها: وعاد الحب، نهر الحب. واستمر مع فريد شوقى 9 أفلام  من1961منها:  لا تذكرينى - رسالة إلى الله- أنا العدالة، حياة وأمل. 1962 قدم 4 أفلام منها فيلمان متتاليان (أنا الهارب – آخر فرصة ). 1963 عودة ثانية مع رواية «زقاق المدق» بعد مرور خمس سنوات من عرضها على المسرح  قدم للمرة الثانية دور المَعلّم «كرشة»  فى السينما وله السبق الأول فى تمثيل نفس الشحصية السينما ومسرح.
 ومن 1964 إلى 1967  قدم 30 فيلمًا مع فريد شوقى قدما 5 أفلام  ( مطلوب زوجة فورًا، لعبة الحب والجواز ودوره حسونة أبو عوف، المدير الفنى، 30 يومًا فى السجن دوره جنجل أبو شفطورة، غراميات مجنون، ومعبودة الجماهيردوره المعلم سلطان الجزار.فى 1968 و1969 أعلى نسبة مشاركة 10 أفلام فترة الستينيات منها 3 أفلام مع فريد شوقى، ومع محمد عوض وفؤاد المهندس مجموعة أفلام.

 

نجم الشباك.. السبعينيات


فترة البطولة المطلقة انفراده بالبطولة لأول مرة وأيضًا لأول مرة فى السينما المصرية البطولة لشخصية ابن البلد، الخلفية السياسية فى هذه الفترة بعد رحيل جمال عبد الناصر فكان محمد رضا متفقًا مع المزاج العام شخصية ابن البلد التى تصدرت المشهد الاجتماعى. قدم 50 فيلمًا فترة ذهبية فى حياته السينمائية وتوج بلقب «معلم السينما المصرية»، ويتصدرها فيلم رضا بوند1970، وعماشة فى الأدغال 1972  كلاهما يمثلان أهمية خاصة فى مشواره، 1971 مسلسل تلفزيونى  «عماشة عكاشة» ثم تحولت إلى فيلم سينمائى 1973 حقق فى وقتها 1000 جنيه شباك التذاكر، وتوالت الأفلام من إنتاج شركته « رضا فيلم».
«انسحاب الزعيم»


حاول محمد رضا ضم عادل إمام إلى فرقة «ابن البلد المسرحية» تحت رعاية الكاتب محمود السعدنى حين قدمت الفرقة 3 مسرحيات هي: النصابين، البولوبيف، بين النهدين، لكن انسحب عادل إمام  قبل أن تخرج الأعمال إلى النور. والتقيا فيما بعد 4 أفلام حلوة وشقية 1968، 1974 البحث عن فضيحة، 1975 فيلمان غاوى مشاكل، ملك التاكسى، 1985 زوج تحت الطلب.
 
«صبيان المَعلّم» 


من العلامات المصاحبة للمعلم وجود صبيانه مثلًا بفيلم «عماشة فى الأدغال» فى مقدمتهم عبد السلام محمد، سيد زيان، سيف الله مختار «أرأر» الشهير بضحكته «أت أت أت» انطلقت شهرتهم، وأيضًا الفنانة القديرة نبيلة السيد ورضا أشهر ثنائى كوميدى. أما إفيهاته اشتهرت بأنها جمل ناقصة  وأصبحت «قافية رضا». من أشهرها «جنجل أبوشفطورة  حرامى الغسيل «اللى بيقص الكلا»  «الكلام يعنى» فى فيلم 30 يوم فى السجن، واستعان به فى الإعلانات فى الحملة القومية للقضاء على البلهارسيا.

 

«الثمانينيات والتسعينيات»


فى الثمانينيات شارك فى 43 فيلمًا منها: بياضة، السلخانة، بيت القاصرات، الراقصة والطبال، شادر السمك، السوق. يوميات ونيس 1995 قبل رحيله بشهرين. فى أوائل التسعينيات قدم 7 مسلسلات: أحلام العمر، أحلام فى الهواء،  البحث عن فرصة، زغلول يلمظ شقوب، صباح الخير يا جارى، ضحى، مواقف ساخرة. وفى السينما 6 أفلام:  الشقيقتان، المذنبون الأبرياء، سلم لى على سوسو، شباب على كف عفريت، صف عساكر، مغامرات رشا، أعمال لم تضف له بل كان يساند الوجوه الجديدة. وعلى المسرح عملين: خذلك قالب، ولاد ريا وسكينة. وفى عامى 1991و1992قدم 10 أعمال بينها بـ6 مسلسلات.1993 قدم 3 مسلسلات: السحت، والمرأة أصلها نمر، وناس ولاد ناس. وآخر عامين من مشواره 1994و 1995 قدم مسرحيات وأشهر دراما: ومع محمد صبحى يوميات ونيس ج2، ساكن قصادى  ولم يمهله القدر من تصوير آخر حلقتين.

 

اما الإذاعة فشهدت اللحظات الأخيرة لواقعة قدرية فى آخر شهر رمضان أثناء حوار تليفونى مع إذاعة القناة سقطت سماعة الهاتف من يده لتصعد روحه فى 21 فبراير  1995.




تم نسخ الرابط