الإثنين 30 ديسمبر 2024 الموافق 29 جمادى الثانية 1446

أيمن حسين يكتب: التغيير سُنة الحياة

75
المستقبل اليوم

 

تعد سنة التغيير في الكوادر الإدارية من أهم مظاهر التطور الطبيعي للمجتمعات التي تسعى إلى التقدم ومواكبة العصر والمتغيرات العالمية التي تجري بسرعة غير مسبوقة دون توقف ودون النظر لأي سياسات ثابتة المعايير أو الأفكار. أظن أن التغيير في القيادات لا يقتصر فقط على نقل السلطة من جيل إلى آخر، بل يشمل أيضًا نقل الخبرات وتحديث الأفكار بما يتماشى مع متطلبات العصر والتكنولوجيات والتطور العالمي المتسارع الخطى، حيث يُعتبر هذا التغيير ضرورة مُلحة لضمان استمرارية التقدم والابتكار في كافة المجالات، سواء في قطاع البترول أو أي قطاع آخر.

مع خروج بعض المسؤولين الكبار على المعاش، وبعد أن قضوا سنوات عديدة في مناصبهم كمستشارين أو مساعدين للوزير، نجد من الطبيعي التفكير في تغيير هذه القيادات لمنح الفرصة للدماء الجديدة. فقد قدم هؤلاء المسؤولين الكثير والكثير للوطن، ونكن لهم كل التقدير والامتنان على ما بذلوه على مدار سنوات عديدة، تعلمنا منهم الكثير وكانوا بمثابة دليل لنا للتعلم وبناء خبرات هائلة من خلال تعاملنا معهم في جميع مجالات العمل والحياة أيضًا. ولكن التغيير يظل ضروريًا لضخ أفكار جديدة ومبتكرة تلائم التحديات الحديثة.

نجد مثلاً أن العديد من الدول الرائدة في العالم قد اعتمدت على نظام التغيير الدوري للقيادات لضمان تجديد الرؤية الاستراتيجية. ففي اليابان، على سبيل المثال، يُعتبر التغيير في الكوادر الإدارية أمرًا دوريًا وطبيعيًا لضمان استمرارية الإبداع والابتكار. ونرى أن هذا النظام أتى بثماره بنسبة كبيرة، فنجد اليابان اليوم تتمتع بمكانة كبيرة في شتى المجالات.

من أبرز فوائد التغيير في الكوادر الإدارية هو فتح المجال أمام القيادات الشابة لتولي المناصب القيادية. حيث نرى القيادات الشابة غالبًا ما تكون متحمسة وشغوفة وتمتلك رؤية جديدة قد تساهم في التطور بشكل يتناسب مع الوقت الحالي من متغيرات عديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشباب عادة ما يكونون أكثر مرونة في تبني التكنولوجيا الحديثة والطرق الإدارية الجديدة، التي تؤثر بشكل إيجابي على مسار العمل من أوجه مختلفة.

وبالفعل، نجد أن مصر قد بدأت في إدماج الشباب في المناصب القيادية، خاصةً في القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا والطاقة. وعلى سبيل المثال، نلاحظ وجود قيادات شابة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث تم إدخال تقنيات جديدة لتسريع عملية التحول الرقمي لمواكبة التطور الهائل في جميع أنحاء العالم في كل المجالات.

التغيير ليس فقط سنة الحياة، بل هو أيضًا ضمانة لاستدامة التطور. مع تغير الأجيال، تتغير أيضًا التحديات التي تواجهها المؤسسات والدول. فمن هنا تأتي أهمية التغيير في الكوادر الإدارية لضمان أن تظل المؤسسات قادرة على التكيف مع المتغيرات العالمية والمحلية المتلاحقة.

وأخيرًا، لابد أن نتفق جميعًا على أن مبدأ التغيير في الكوادر الإدارية هو جزء لا يتجزأ من عملية التطور المستمر. وإنه يعكس الاستجابة لتحديات جديدة ويوفر الفرص للجيل القادم لقيادة المستقبل بما يتناسب مع المستقبل، مع كل التقدير والاحترام والامتنان للمسؤولين السابقين، الذين أرى من وجهة نظري أنه لابد من تكريمهم تكريمًا يتناسب مع ما قدموه من عطاء وجهد عظيم على مدار سنوات.

التغيير هو الضمانة الحقيقية لتحقيق التنمية المستدامة والابتكار، ويعزز بشكل كبير من مكانة الدولة على الساحة المحلية والدولية.

كاتب المقال: الأديب والشاعر أيمن حسين




تم نسخ الرابط