عام مضى وعام أتى..ياسمين الجاكي

وتطوى صفحات عام مضى.. عام مضى بكل تفاصيله ..من حلو ومر ..حنان وقسوه ..من نجاحات وعقبات.. من عيون فتحت على الحياة وأجساد فارقتها..

عام علم فينا وتعلمنا منه الكثير..اكتشفنا أشخاصًا على حقيقتهم ..فأزيلت الاقنعة وظهر ما في بواطن النفوس ..إكتشفنا الصادق المخلص الذي لا تبدله الظروف والأحداث والمواقف.. من يحب بلا شروط وبلا مقابل..من يضحي من أجلك مهما كلفه الأمر ..من يقف بجانبك وقت الضعف والإنهيار..

وفي المقابل اكتشفنا اصحاب المصالح والمزيفون من حولنا .. من إعتبرناهم درساً قاسياُ خلال العام ، علمنا انهم لا يستحقون عطاءنا من لين القلب والمحبة الصادقة والشفافية.. عام سلب منا أشخاص فارقونا وتركوا فينا جرحاً لا يندمل ..تركوا فينا أوجاعاً وأنيناً وصعوبة في مواجهة الحياة..

عامأً مليئاً بالإنتصارات للبعض ..فمنا من تحقق حلمه وانسدل ستار الحق واندلع الظلم عن طريقه..عام علمنا أن تعظيم الذات والشعور بها لا يدوم.. وأن هناك زيف من كلمات النفاق والتعظيم حولك وفي لحظة ما سيذاب جبل الجليد و سيبتعد عن هالتك هذا الجمع الزائف بمجرد سقوطك وفقد سيطرتك.

علمنا أننا نعيش اجمل اللحظات عندما نرى فلذات أكبادنا يعيشون بسلام ..يحققون أحلامهم البعيدة.. ترى نبتتك الصغيره تكبر عام تلو الآخر بين أحضانك ..فهم فقط من يستحقون العطاء الصادق والمحبة النابعة من القلب ..

عام تغرب فيه البعض عن أحبابه ..وعاد فيه الغائب لأحضانهم.. أقيمت دول ودمرت وشردت أهالي دول أخرى.. اماكن سادتها الورود والخضره واخرى سادها الظلام والخراب..عام تعلمنا فيه ان الصمت لغة العقلاء ..وأن الكرامة وعزة النفس هي أدواتك التي تحارب بها أعداءك من حولك ..

عام أكتشفنا به أن الكنز الحقيقي الذي يمتلكه كل منا ويجبرنا ان نحمد الله عليه مع كل طلعة شمس هو الصحة.. فهي النعمة التي لا تقدر بثمن ..وهي أهم وأعظم ما نملكه..

أن الرضا بما قسمه الله لك هو سر الطمأنينة والأمان.. أن لا ننظر لحياة الغير وأن نكتفي بما قسمه الله لنا ..فما أشقى من يعش ناقماً على ما أعطاه الله له ..ناظراً لكل من حوله بحقد وغل وأذى ..

عام مضى وعام يأتي لا نعلم خفاياه ولا نعلم ما هو مقدر ومكتوب فيه ..نرسم ملامحه بخيوط من الأمل بأن يكون القادم أفضل..

لذا فعلينا ان نقف مع أنفسنا لحظة.. لندرك ما تعلمناه من صفحات العام الماضي.. وماذا تغير فينا وماذا أضاف لنا وما هي الدروس المستفادة التي لقنتها لنا الأيام.

نحدد ملامح عام جديد حدوده العزيمة والنجاح والإصرار ..نبني سوراً لمدينتنا الصغيرة من يسكنها أشباهها الصادقون فقط.