اشتاق لرمضان الذي كان..ياسمين الجاكي

أشتاق لرمضان الماضي
ساعات وتفصلنا عن قدوم شهر الخير، شهر المحبة والرحمة والغفران ،ولأنني من الأشخاص الذين يرتبطون كثيراً بكل ما هو ماض سواء أشخاص أو أماكن أو أحداث أولحظات، وأتعلق بشدة بكل ما هو أصبح ذكريات ،
فبمرور الأيام تبقي في ذاكرتي أيامي القديمة بشهر رمضان، الذي كنت انتظره في طفولتي باشتياق ولهفه ،بكل تفاصيله ومعانيه الجميلة واجواءه الرائعه، التي تركت في نفسي شوقاً وحنيناً لا ينتهي .
رمضان في طفولتي كان رمزاً للبراءة والبساطة والحياة الطبيعية الغير مصطنعة ، كانت فيه البيوت دافئة هادئة مطمئنة لها مذاق و شكل مختلف .هو رحلتي الأولى لتعلم الصبر والهدوء وضبط النفس والإحساس بالآخرين.
فأنا تلك الفتاه الصغيره التي كانت تنظر لتفاصيل هذا الشهر بكل ما يحويه من فرحه حقيقية ،أجواء الأسرة التي تجتمع معاً على مائدة تجمعها المودة والمحبة والترابط، ودعوات خالصة تنبع من القلب ، وضحكات تدوي في كل مكان، صوت الأذان ومدفع الإفطار الذي كانت تتدفق معه دقات القلب من السعادة، وملاحقتي لأبي لأصلي بجانبه وصوت دعاؤه الذي كان يبعث بي البهجة و الطمأنينة والأمان والبركة في كل شيء .
كانت سعادتي تكمن في رؤية فانوس صغير ألوانه مازالت عالقه في مخيلتي ، ومشاهدة الأنوار والشوارع المزدحمة ، في رائحة طعام أمي التي لا يشبهها أحد.
في زيارة الأقارب والتجمعات الأسرية الدافئة و مشاركة الجيران في أطباق الإفطار والحلوى ، صوت أغاني رمضان التي كان القلب يرقص من السعادة بسماعها ، مناداة المسحراتي بأسامينا والجري نحو النافذه لرؤيته.
اشتاق لرمضان كانت فيه النفوس أنقى والقلوب تنبض بالإحساس ومراعاة مشاعر الأخرين، و كان جبر الخواطر طبعاً لا يتحزأ عنا .
اشتاق لرمضان تعملنا منه أجمل القيم والعادات من إحترام الكبير وأن الأسره أولاً وقبل كل شيء، من علمنا معاني الرفق والإنسانية والمروءه، علمنا كيف ننتقي الكلمات التي تدخل القلوب وتداوي الجروح.
علمنا أنه لا وجود للكراهية والخبث والضغينة.
أشتاق لرمضان كنت اتذوق فيه الطعام باشتهاء ، فبمرور الوقت أدركت أن حلاوة كل شيء معلقة بأرواح وقلوب كانت تضفي على كل شيء جمالاً وجاذبية لا توصف
اشتاق لرمضان كان يجمعني بأحبابي واغلى ما اي، رمضان لم أفقد فيه عزيزاً أو غالياً غاب عني، ولم يكون للغربة مكانًا بيننا .
فرمضان الماضي لم يكن مجرد شهر ويمر، بل كان أياماً مباركة غرست في نفوسنا معاني الصبر والإيمان والطمانينة .
فرغم مرور الوقت تبقي تلك اللحظات محفوره في القلب والذاكرة.