أيمن حسين يكتب: رمضان ..شهر الود والرحمة

في زحام الأيام العادية في غير أيام شهر رمضان المبارك نؤجل الكثير من الأشياء المهمة ، نؤجل السلام، نؤجل الاعتذار، نؤجل كلمة قد تُعيد الدفء إلى علاقة تظن أنها انتهت من طول مدة البعد او الجفاء سواء مقصود او حتى غير مقصود ، فكثيرا ما نؤجل الصلح، وكأن الوقت في صفّنا، وكأن الحياة ستنتظر حتى نقرر حينما نشاء. ولكن الحقيقة الواقعية الصادمة؟ أن لا شيء مضمون. لا نحن، ولا من نحب، ولا حتى اللحظات التي نظن أنها ستتكرر.
يأتي رمضان كل عام بسرعة بالغة ونقول جميعا نفس الكلمات( رمضان اللى فات كأنه كان امبارح) يأتي رمضان مهرولا ليذكّرنا أن الحياة أقصر مما نتصور، وأنه لا شيء يستحق أن نحمل في قلوبنا الضغينة او الزعل او الكره أو الحقد، وأن الفرصة ربما لا تتكرر. هذا الشهر الكريم ليس فقط للعبادة، بل هو أيضًا فرصة لنقاء القلوب وتصفية الخلافات وتصحيح العلاقات، والتعامل الودود مع كل من حولنا. في هذا الشهر، تتجلى معاني التسامح والمغفرة، فلماذا لا نجعله نقطة تحول حقيقية في علاقاتنا؟
كم مرة قلت “غدًا”؟
في يوم عادي، تصحو من نومك، تبدأ يومك كالمعتاد، تفكر في قائمة المهام، وتقول لنفسك: “هكلم فلان بكرة” ، “هروح أشوف فلان لما يكون عندي وقت “هصالح فلان بس مش دلوقتي”
ثم يمر اليوم… واليوم يصبح أسبوعًا، والأسبوع شهرًا، والشهر عامًا، وفجأة… تجد أن الوقت قد انتهى.
كم مرة فكرت في الاتصال بشخص، ثم شغلتك الحياة؟ كم مرة كنت تريد مصالحة أحد ولكن عنادك كان اكبر؟ كم مرة كنت تريد لقاء صديق قديم، لكنك قلت: “مش فاضي دلوقتي”؟
كم مرة سمعت خبر وفاة شخص فشعرت بندم قاتل لأنك كنت تنوي رؤيته لكنك لم تفعل؟
رمضان… شهر لمّ الشمل وفرصة لا تعوّض
نحن نظن أننا نملك الوقت، لكن وفي الحقيقة أن الوقت هو الذي يملكنا. كل يوم يمر يأخذ معه فرصة لم نغتنمها، ولحظة لم نعشها، وشخصًا ربما لن نراه مرة أخرى . فلا تؤجل أي شيء يمكنك فعله الآن، لا تؤجل الاعتذار، لا تؤجل العتاب الجميل، لا تؤجل كلمة “سامحتك” لا تؤجل لحظة قد تغيّر حياتك وحياة شخص تحبه ربما ينتظر منك كلمة واحدة.
في رمضان، تُفتح أبواب الرحمة، فلماذا لا نفتح قلوبنا بالرحمة؟ نحن نطلب من الله المغفرة، فكيف لا نغفر لبعضنا البعض ؟
ندعوه أن يرحمنا، فلماذا لا نرحم من حولنا لنستحق رحمة الله؟ نحن نفتح اكفنا للدعاء، فلماذا لا نمدها للصلح؟
لا تجعل بينك وبين أحد ضغينة
كل ما نختلف عليه اليوم قد يصبح بلا معنى غدًا فالحياة مهما طالت قصيرة لماذا نسمح للخلافات الصغيرة بأن تسرق منا سنينًا من العلاقات الجميلة؟ لماذا ننتظر أن يقع أحدنا في مأزق أو يرحل لنقول: “كان نفسي أكلمه قبل ما يمشي”؟
القلب الذي يعرف كيف يسامح هو القلب الذي يعرف كيف يعيش. كل خلاف قابل للحل، وكل زعل يمكن تجاوزه، وكل سوء تفاهم يمكن أن يُمحى بجملة واحدة: “أنا آسف أو حقك عليا”. لا تسمح للعند أن يحرمك من لحظة صادقة مع من تحب.
خذ الخطوة الآن
في هذا الشهر المبارك، اسأل نفسك: من هو الشخص الذي تتمنى رؤيته؟ من هو الشخص الذي تفتقده؟ من هو الشخص الذي تحبه؟ لكنك لم تخبره بذلك لأي سبب كان.
لا تنتظر، لا تؤجل، لا تفكر مرتين. فقط افعلها الآن.
رمضان فرصة لترميم القلوب بالرحمة والود، فلا تدعها تفوتك. افتح صفحة جديدة، سامح،تصالح، وازرع في قلبك الخير… فربما تكون هذه الفرصة الأخيرة.
وكل عام وأنتم بخير .