مروه عطيه تكتب عن العلامة ٩١ فى ذكرى استعادة طابا

في مثل هذا اليوم : 19 مارس من عام 1989، تحل علينا ذكري عودة "طابا" تلك القطعة الغالية من ارض مصر... تعتبر عودة طابا إلى الأراضى المصرية من المحطات الهامة فى تاريخ مصر الحديث وهى قصة نصر دبلوماسى كبير وجهود متميزة لاستعادة هذه المنطقة الاستراتيجية.
بدأت قصة طابا عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل فى عام ١٩٧٩ والتى نصت على سحب اسرائيل لكامل قواتها من شبه جزيرةسيناء فى موعد غايته ٢٥ أبريل ١٩٨٢، ومع ذلك أثارت اسرائيل أزمة منذ ديسمبر ١٩٨١ من خلال الادعاء بمواقع غير صحيحة لعلامات الحدود خاصة العلامة ٩١ فى طابا.
وطابا هى منطقة استراتيجية تقع على ساحل خليج العقبة على الحدود بين مصر وإسرائيل، وكانت طابا جزء من الأراضى المصرية منذ العصور القديمة ولكنها احتلت من قبل اسرائيل عام ١٩٦٧.
وبحسب رواية نبيل العربى وزير خارجية مصر الأسبق والذى ترأس وفد مصر فى التفاوض لإنهاء نزاع طابا. طالبت مصر باللجوء إلى التحكيم الدولى لحل النزاع كما تنص المادة السابعة من معاهدة السلام بين البلدين نتيجة للرفض الاسرائيلى، وهنا حاولت اسراىيل تضليل الرأى العام العالمى بالقول أن العلامات التى تم الاتفاق عليهافى ١٩٠٦ قد تم تعديلها فى ١٩١٥ بواسطة "نوماس ادوارد لورانس" الشهير بلورانس العرب الضابط البريطانى الذى كان له دور في الثورات العربية على الدولة العثمانية. كما قامت اسرائيل بازالة لمعالم العلامة ٩٠ بعد أن تركتها فى موقعها لايهام مصر بأنها العلامة ٩١.
وهنا لعبت الدبلوماسية المصرية دورا بارزا فى تجميع الأدلة والوثائق التى تدحض الرواية الاسرائيلية وكذلك تجميع الشهود... فبعد تقديم الفريق المصرى مالديه من وثائق وخرائط، فضلاًعن الحجج والدفوع والزيارات الميدانية إلى المنطقة، بما يدعم الحق المصرى، لكن المحكمة الدولية لم تكتف بذلك، وفتحت باب الشهود، وكان على كل طرف أن يدفع بشهوده ليؤكد موقفه،
فكان البحث عن الضباط الذين عملوا فى القوات الدولية فكان بينهم ضباط من الدنمارك ويوجوسلافيا.
ولا ننسى الشهادة التاريخية للعقيد اسماعيل شيرين زوج شقيقة الملك فاروق... فعندما
علم إسماعيل بالأمر، قام بالذهاب من تلقاء نفسه إلى فريق التحكيم المصرى عارضاً أن يدلى بشهادته أمام المحكمة، لكى يثبت أن طابا مصرية، وتلخصت شهادته فى أنه كان قائداً للكتيبة المصرية فى طابا، وأن لديه فى أوراقه، خطابات بعث بها إلى زوجته وأسرته من طابا، ولديه ردود على تلك الخطابات أرسلت إليه فى «طابا» ، وأن أختام البريد والطوابع تؤكد ذلك ، ورحب الفريق به شاهداً ، وقبلت به المحكمة ، وأدلى بشهادته التى زادت من اقتناع المحكمة بأحقية مصر فى طابا.
وفى ٢٩ سبتمبر ١٩٨٨ أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمهافى النزاع حول طابا... هذا الحكم الذى أكد أنها ارض مصرية.
بعد حكم التحكيم الدولى تم نقل ملكية جميع المنشآت السياحية فى طابا إلى مصر وتم تغيير اسم فندق سونستا طابا إلى هيلتون طابا.
وفى ١٩مارس ١٩٨٩ تم الاحتفال برفع العلم المصرى على أرض طابا المحررة، وكانت لاستعادتها تأثيرات سياسية واقتصادية كبيرة على مصر، حيث أعادت طابا الثقة فى قدرة مصر حماية حقوقها وسيادتها، كما ساهمت استعادة طابا فى تعزيز الاقتصاد المصرى من خلال السيطرة على الموارد الطبيعية فى المنطقة.