د. محمد العليمي يكتب: كلٌّ يراك بعين طبعه

هل تساءلتَ يوماً كيف ينظر الآخرون إليك؟ وهل تدرك أن قلبك يحمل مفتاح فهم الآخرين قبل أن تلتقي أعينكم؟ إن مشاعرنا وتجاربنا تشكّل العدسة التي نرى من خلالها. فالحقيقة أن كل شخص يراك بقدر محبته لك في قلبه؛ فبينما يراك البعض أطيب الناس وأكثرهم وُدًّا، قد يرى آخرون منك صورةً سلبية. وتنبع هذه الاختلافات في الآراء من تجارب كل شخص ومشاعره الخاصة تجاهك.
ما بين الأوقات الجميلة والزلات المؤلمة، نقع فريسةً للنقد الذي لا بد أن نتقبله. لكن علينا أن نتذكر أن هذا النقد غالبًا ما يكون انعكاسًا للمشاعر الشخصية لدى الآخرين. فستقابل أشخاصًا لا يترددون في انتقادك لمجرد الانتقاد؛ وذلك هو النقد السلبي الهدّام، النابع من شعور دفين بالنقص أو الضحالة في حضورك. بينما هناك آخرون ينتقدونك رغبةً في تحسينك وتطويرك؛ هؤلاء هم من يريدون الجمال في كل ما تفعل، وهم أصحاب القلوب الجميلة السوية. تُظهر هذه الاختلافات في التعامل مع النقد كيف أن المشاعر تلعب دورًا حيويًا في تشكيل آرائنا. وهذا ما يفسّر كيف أن بعض الأشخاص قد يشعرون بالكراهية تجاهك دون سبب واضح، في حين يجد آخرون فيك أسبابًا تدفعهم لحبك. إن الفهم العميق لهذه المشاعر المختلفة يساعدنا على التعامل مع العلاقات بشكل أفضل، لأنه في نهاية المطاف تظلّ أنت ذاتك، مهما اختلفت نظرة الآخرين إليك. فكل عين ترى من زاويتها، ومن المهم أن نتذكر أن تقييم الآخرين لنا لا يعكس بالضرورة قيمتنا الحقيقية.
فالتقبّل الذاتي هو المفتاح لحياة أكثر سعادة ونجاحًا، وكلما ازددنا محبةً لأنفسنا وتقبّلًا لها، كلما استطعنا أن نحب الآخرين ونرى الجمال فيهم. فلنسعَ لأن نكون أشخاصًا يبحثون عن الجمال في الآخرين، ونتعامل معهم بعين المحبة والتقدير. وإذا كنت تبحث عن تحسين علاقاتك بمن حولك، فتذكّر دائمًا أن كل شخص يحمل في قلبه تجربةً خاصة، وأن الحب والتفاهم هما الجسر الذي يربط بين القلوب. ولنتعلّم معًا كيف نرى بالقلوب قبل العيون. ولنكن أكثر تعاطفًا وتفهّمًا، ولنبنِ جسورًا من الحب والتواصل، فالعالم من حولنا في أمسّ الحاجة إلى مزيد من المحبة والتعاطف، لا إلى الصراعات والكراهية.