عيد الإعلاميين (تقرير)

في مثل هذا اليوم من عام 1934، انطلق أول صوت من الإذاعة اللاسلكية بالقاهرة، ومن شارع الشريفين تحديدًا، هاتفًا: “هنا القاهرة”.
كان يومًا مجيدًا في تاريخ هذه الأمة، وهي تعلن عبر أبراجها العالية انطلاق الإذاعة المصرية وتربّعها على عرش الإعلام العربي والإفريقي.
وقد اتخذ الإعلاميون هذا اليوم عيدًا لهم لما يمثله من رمزية تصل إلى حد القدسية؛ فقد كان انطلاق صوت المذياع باسم مدينتنا الحبيبة دربًا من دروب تحقيق الأحلام.
الإعلام المصري يضرب بجذوره في تاريخ هذا الشعب، وكان نبراسًا هاديًا للملايين من أبنائه، يقدم لهم كل ما يُعينهم في حياتهم من تاريخ ودراما، وفن إذاعي، ومسرحي، وتليفزيوني.
وقد تألقت في سمائه نجوم لا تزال أسماؤهم تُسجَّل في سجل الاحترام والتبجيل، منذ عهد الأستاذ أحمد سعيد، والأستاذ فؤاد المهندس، وجلال معوض، وحمدي البلك، وعزة، وسامية الأتربي، وغيرهم كثير من الأجيال التي لا نستطيع حصرها.
كانوا جواهر في صحراء هذه الحياة، ومعينًا لا ينضب ماؤه من الابتسامة والثقافة والمعرفة.
ولن تسعفنا الذاكرة ولا المساحة لنتذكر سويًا أعمالًا وأعمالًا هزّت المجتمع المصري من أعماقه، وكانت تنتظرها الملايين يوميًا بشغف.
كنا نستشعر قدوم رمضان بصوت النقشبندي في المذياع، تمامًا كما نُدرك حلول موسم الحج بوقفة عرفة وتكبيراته الخاشعة.
عيد الإعلاميين هو عيد الحرية والإبداع، لا يعرفه إلا من يعشق الفن والثقافة والتنوير، ويتخذ من الحرية والصدق نهجًا ومنهاجًا.
أما من اعتاد على إخفاء الحقائق، وطمس الدلائل، وممارسة النفاق عند كل عتبة، وفضّل العيش في ظلام الجهل والخفاء، فلن يكون لهذا العيد أي معنى لديه.
كل عام وكل الإعلاميين في شركاتنا ومؤسساتنا القومية والخاصة بخير، راجين أن يكونوا دائمًا عند العهد بهم، يحملون مشاعل التنوير والحرية في مواجهة طيور الظلام، وحاملي ألويـة الجهل والتطرف، وأن يُعيننا الله على مواجهة من يدّعون انتماءهم إلى هذه المهنة السامية.