سيد سالم يكتب: أحقاً هذا واقعٌ نعيشه أم كابوس ؟

أنهت إسرائيل عمليتها العسكرية ضد إيران بعد ان اختتمتها أميركا بضربات جوية وبحرية بشكل مباشر ، مستخدمة قنابل خارقة للتحصينات ، وعدداً كبيراً من صواريخ “توماهوك” ، وإذ تركت إيران تنزف جراحها ، سرعان ما عادت إسرائيل إلى قطاع غزة حيث استأنفت عملياتها ضد أهلها المحاصَرين هناك ، مواصلة مشروعها الدموي في إبادة إخوتنا من أبناء الشعب الفلسطينى .

ففي غضون أربع وعشرين ساعة فقط ، أسفرت الهجمات عن استشهاد ثمانية وثمانين شخصاً ، وإصابة أكثر من ثلاثمئة وخمسة وستين ، غالبيتهم من المدنيين ، ورغم إصدار جيش الاحتلال أوامر بإخلاء بعض المناطق في محافظة غزة والشمال ، إلا أنه أعد تقريراً قُدِّمه اليوم إلى رئيس الحكومة السيد نتنياهو ومجلسه الوزاري المصغر ، أوصى فيه – على غير عادة – بالاكتفاء بهذا القدر من التدمير ، ربما لغياب أي أهداف ذات قيمة تُبرّر استمرار حملة عربات جدعون كما يحلو لهم تسميتها .

لقد وصلت آلة الحرب الاسرائيليه إلى مفترق طرق ، إذ بات استمرارها يعني المساس بالرهائن أنفسهم الذين لطالما استخدمتهم إسرائيل ذريعةً لتبرير عدوانها . في المقابل ، صدرت تصريحات من وزير الخارجية الفرنسي وصف فيها مشاهد الموت أثناء توزيع المساعدات في غزة بأنها “عار على الإنسانية” وانتهاك فاضح للكرامة البشرية ، وأكد أن لا مبرر إطلاقاً لاستمرار الحصار والعدوان فى غزة ، ولا لمنع دخول المساعدات الإغاثية إلى السكان المنكوبين .

هنا ، يطرح السؤال نفسه : هل باتت الدول تتعامل مع أميركا وإسرائيل بوصفهما قوتين خارجتين عن السيطرة ؟؟ ، وهل أصبحت دول العالم كله تكتفى بإطلاق نداءات التهدئة ، وتخفيف الدمار ، خشية أن يطالها شرر من عنف وتهور هاتين الدولتين ؟؟ . هل استسلمت الدول ، ولو ضمناً ، لفكرة أن من يملك القوة لا يُسأل عما يفعل ؟؟ .

أحياناً، يتساءل الإنسان في لحظة تأمل : أهذه حقائق نعيشها أم كوابيس ؟؟ ، أمشاهد القتل هذه ، والدمار ، والدماء ، والطفولة المدفونة تحت الأنقاض واقع نراه ؟؟ ، أم سنفيق ذات فجرٍ مفزوعين لنكتشف أنه مجرد حلم ثقيل ؟؟ ، هل ما يجري في غزة وفي عالمنا المتصدّع ، هو زمنٌ عابر ؟؟ ، أم أنه صفحة حالكة من التاريخ نُوشك أن نستسلم لظلامها ؟؟ .

فيأتينا الجواب :  إنها ليست كوابيس .. إنها الحقيقة .. ونحن شهودها الصامتون ..

كاتب المقال: المهندس سيد سالم أبو غزاله-رئيس شركة خالدة للبترول الأسبق.