شخصيات: محمد عبدالله..الرجل الذي كتب فصلًا جديدًا في تاريخ النصر للبترول

في قلب مدينة السويس، حيث تختلط رائحة البحر بتاريخ طويل من النضال والعمل، تقف شركة النصر للبترول شامخة كأحد أقدم معالم صناعة التكرير في مصر والشرق الأوسط. فمنذ تأسيسها عام 1911 تحت اسم “شركة آبار الزيوت الإنجليزية المصرية المحدودة”، ثم تأميمها في عام 1964 لتصبح شركة مصرية وطنية باسم النصر للبترول، وهي تؤدي دورًا محوريًا في إمداد البلاد باحتياجاتها من الوقود والمنتجات البترولية.
لكن على مدار سنوات طويلة، كاد هذا الصرح العظيم أن يتحول إلى مجرد معمل متقادم يحمل على عاتقه إرثًا من المشكلات الفنية والإدارية، إلى أن جاء رجل أعاد كتابة الحكاية من جديد ، رجلٌ وُلد ليكون رجل تكرير بمعايير عالمية، هو المهندس محمد عبدالله.
منذ أن وطأت قدماه مكاتب النصر للبترول، لم ينشغل باللقب ولا بمظاهر الإدارة والفشخرة ، بل تعامل مع منصبه كرئيس مجلس إدارة وكأنه مهندس تشغيل يقف بين الوحدات، يراقب أداء المعمل، يتابع التفاصيل الدقيقة، ويقود العاملون قبل أن يقود النتائج. كان يضع يده على المشكلات بلا تردد، ويبتكر الحلول بروح القائد الذي يعرف أن قيمة أي مؤسسة ليست فقط في آلاتها، بل في رجالها.
في سبع سنوات مضت، قاد محمد عبدالله عملية تحول جوهرية داخل الشركة: طوّر وحداتها الإنتاجية، جدد بنيتها الأساسية، ورفع من قيمتها الفنية والاقتصادية، لكن إنجازه الأهم لم يكن في المباني ولا في وحدات التكرير، بل في الإنسان. فقد آمن أن الاستثمار الحقيقي يكمن في الكوادر، فعمل على تدريب العاملين ورفع كفاءاتهم، وحاول قدر الإمكان غرس ثقافة الانضباط والالتزام، ليصبح كل موظف في النصر للبترول عنوانًا للجودة والتميز.
كان معروفًا بين زملائه ومرؤوسيه بحرصه الشديد على المال العام، فلا ينفق إلا فيما يخدم الهدف، ولا يتهاون في محاسبة المقصر. كان يردد دومًا أن نجاح النصر للبترول ليس نجاحه الشخصي، بل نجاح لقطاع البترول بأسره، وأن الفخر الأكبر هو أن يرى شركته تُنافس وتثبت حضورها بمعايير عالمية.
رحلة محمد عبدالله مع البترول لم تبدأ من النصر فقط؛ فهو خريج كلية هندسة البترول والتعدين – جامعة قناة السويس 1990، تخصص في قسم تكرير البترول. تنقل بين مواقع العمل المختلفة: عمل في شركة القاهرة للبترول في التقطير والمرافق، شارك في مشروع “الهايكستب” مع القوات المسلحة والأمن المركزي، وأسهم في تطوير معمل طنطا خلال فترة وجيزة، حتى تولى موقع مساعد رئيس شركة القاهرة للبترول لمعمل تكرير طنطا، ورئيس اللجنة الجغرافية لمنطقة طنطا البترولية، وعضو مجلس إدارة الشركة ونقابة المهندسين بالغربية.وهي مسيرة متكاملة صنعت منه قائدًا لا يعرف إلا لغة الأرقام والإنجازات.
وحين صدر القرار الوزاري بتعيينه رئيسًا لشركة النصر للبترول، كان الأمر بمثابة تتويج لمسيرة رجل لم يُولد ليجلس على كرسي الإدارة فحسب، بل ليحمل رسالة تطوير وتجديد.
إن قصة المهندس محمد عبدالله ليست مجرد سيرة ذاتية لمسؤول ناجح، بل هي حكاية رجل تكرير أصيل، آمن برسالته، وأخلص لوطنه، وأثبت أن القيادة الحقيقية تُقاس بما يُترك من أثر. وما فعله في النصر للبترول سيظل شاهدًا على أن التفاني والانتماء والقدرة على التطوير تصنع المعجزات.
#المستقبل_البترولي