رحل الأمير النائم بين عالمين بعد ٢١ عامًا

في قصة تختزل الألم والانتظار والتحدي، رحل الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود، بعد واحد وعشرين عامًا قضاها في غيبوبة طويلة، بين عالمين مختلفين: عالم الحياة الذي نعرفه، وعالم الغياب الصامت الذي لا نراه.
على مدار تلك السنين، ظل جسده ساكنًا على سرير أبيض، بلا حراك، لكن روحه كانت حاضرة في قلب كل من أحبه، خاصة والده الأمير خالد بن طلال، الذي تمسّك بالأمل وصبر صبرًا يفوق الوصف، رافضًا الاستسلام لواقع الغيبوبة أو الانصياع لتقارير الأطباء.
كان يزوره يوميًا، يتحدث إليه، يصلّي إلى جواره، يروي له تفاصيل الحياة، وكأن الوليد يسمعه ويشعر به.
كان الأمل وحده كفيلًا بأن يُبقي الروح متصلةً بالعالم، رغم سكون الجسد.
لم تكن هذه القصة مجرد رحلة مع المرض أو صراع مع الغيبوبة، بل كانت ملحمة إنسانية تجسّد الحب والوفاء والصبر، وتُعيد التذكير بأن الإنسان أعمق من مجرد حركة وكلام، وأن الروح الساكنة في الجسد لا تغيب، حتى وإن غفا الجسد.
ومهما تمسكنا بالأمل وصبرنا، تبقى إرادة الله هي الغالبة، والمصير الذي لا مفر منه هو ما يختاره الله لنا، في الوقت الذي يشاء.
اليوم، بعد إعلان رحيله، طُويت صفحة طويلة من الألم والرجاء، لكنها تركت أثرًا إنسانيًا خالدًا: صورة شاب لم يتحدث يومًا، لكنه تكلّم بكل الطرق التي لا تُرى ولا تُسمع، وقصة أب لم يتعب من الانتظار، وأم لم تفقد الإيمان.
لقد أثبتت هذه القصة أن الصمت أبلغ من الكلام أحيانًا، وأن الحب الحقيقي لا يُقاس بالزمن، بل بالثبات عليه حتى النهاية.
رحل الأمير النائم بين عالمين، لكنه لم يرحل من القلوب، بل بقي شاهدًا حيًّا على أن الروح لا تموت، وأن الحب والصبر هما أعظم معاني الحياة.