مجرد رأي…تصريحات رئيس الهيئة

التصريحات التي تصدر عن المسئولين الكبار عادة ما تكون موجهة بدقة، وتأتي معبّرة عن الحدث والمكان والقصد. والتصريح له طرفان: قائل التصريح، وهو عادةً ما يكون معروفاً، والطرف الموجّه إليه، والذي غالباً ما يكون إما للرأي العام أو لجهة اعتبارية أو شخصية بعينها، دون ذكر الاسم صراحة.
وعندما تختفي ملامح الجهة الموجه إليها التصريح، تنطلق التكهنات والتحليلات التي تحاول معرفة أسباب إطلاق التصريح وما المقصود منه؟ وهل هناك تطورات أو مناسبات متوقعة نتيجة هذا التصريح أو قرارات ستصدر على خلفيته كحركة تنقلات مثلاً ؟
أطلق المهندس صلاح عبدالكريم رئيس هيئة البترول تصريحين غايةً فى الأهمية خلال اليومين السابقين؛ أولهما: “افسحوا الطريق للقيادات الشابة”، وهو تصريح بصيغة الأمر، وبالتالي يجب أن يكون موجهاً إلى كيان أو أشخاص محددين. وعادةً ما تأتي تصريحات تمكين القيادات الشابة على قناعات وتوجهات الإدارة القائمة، وهي نُسك يتبناه الوزير ورئيس الهيئة.
ربما يدرك رئيس الهيئة جيداً أن القيادات السابقة لبعض الشركات استخدمت هذا المضمون في إزاحة الكثير من القيادات المخضرمة وربما التنكيل ببعضها، وما يزال بعضهم حتى الآن أسير الحزن والحسرة. وللأسف، كانت النتائج مخيبة للآمال، حيث عانت شركات كثيرة من سوء الإدارة وارتفاع التكلفة نتيجة الدفع بعناصر غير مؤهلة للقيادة، لا تملك سوى السن الصغير أو المتوسط.
بينما استهلت الإدارة الحالية عملها بتبني عملية تعيين واسعة النطاق لما أُطلق عليه (المعاونين) من الشباب، وحظيت أغلب قيادات القطاع الكبيرة بمجموعة من المعاونين، بهدف خلق صفٍّ ثانٍ يكتسب الخبرة من رئيسه ويشارك في صنع القرار.
لكن حتى الآن، لم تظهر أي بادرة أو نتيجة واضحة. لذا نطلب ظهور المعاونين يرافقون القيادات في الزيارات الميدانية، ونريد أن نرى ونسمع أي تصريح إعلامي يوضح قيام أحدهم بدراسة أو إعداد تقرير أو ما شابه في موضوع بعينه. قد يكون لهم عمل إداري أو روتيني غير ظاهر، لكنه – على أي حال – لم يؤثر على مجريات الأحداث حتى الآن.
هذه هي النقطة الأولى. أما الثانية، فهي أن قيادة الهيئة والقوابض هي المسؤولة عن ترشيح القيادات الجديدة للشركات، وهي من تملك وضع هذا التصريح موضع التفعيل العملي كإجراء سيادي. لأن رئيس الشركة – على سبيل المثال – لن يستطيع تخطي رئيس الإدارة التنفيذية والتعامل مباشرة مع شاب تحت قيادته أو توليته دفة القيادة، لأن هذا التخطي سيؤدي إلى إثارة الخلافات والنزاعات، ما سينتج عنه التربص وضعف وتيرة العمل، ومن ثم نريد منح القيادات قليلاً من الصلاحيات حتى يتمكنوا من ذلك .
نعود ونسأل : إذاً، لمن وجه رئيس الهيئة هذا التصريح؟ وعلى ما يبدو أنه غير واضٍ عن مستوى السن القيادي في شركات الإنتاج، خاصة أن زيارته الأخيرة لحقول شركة الحمرا ظهر فيها ارتفاع مستوى الأعمار بشكل كبير لكل من حوله في هذه الزيارة .
ويمكن اعتبار هذا التصريح مقدمة لما سيحدث من تغييرات، خاصة بعد خلو رئاسة العديد من الشركات مثل بتروزنيمه وبتروبل والحمرا وعدد من الشركات الأخرى، لتكون الفرصة مواتية لوضع هذا التصريح موضع التنفيذ؟
التصريح لا شك في صحته، وليس به ظلال، ولكن أهميته تنبع من تحديد وجهته والآثار المترتبة عليه.
أما التصريح الثاني، وهو لا يقل خطورة عن سابقه، فسيكون موضوع الحلقة القادمة.والسلام،
#سقراط