السبت 13 ديسمبر 2025 الموافق 22 جمادى الثانية 1447

لماذا يزور الوزير مقار الشركات؟

1340
كريم بدوي وزير البترول
كريم بدوي وزير البترول

ربما يبدو هذا التساؤل للوهلة الأولى بعيدًا عن اللياقة، وهو كذلك بالفعل لمن يبادر به أو يدور في ذهنه. ولمن لا يتذكر، فقد كنا أصحاب الإقتراح ، وقمنا بدور فاعل في هذا الشأن، وكان لنا موقف ذو إلحاح بأن يقوم الوزير بزيارة مقار الشركات ليرى بنفسه الموقف على الطبيعة، واستنفار حالة من النشاط والترقب بعد أن أصاب التراخي الكثير من الشركات.

وعلى الجانب الآخر، هناك قواعد قانونية ودستورية تتيح للوزير اتخاذ ما يراه مناسبًا لإدارة عمله في وزارته، وفي كافة ما يتخذه من قرارات له فيها مطلق الحرية والتصرف، طالما لم يتجاوز القانون واللوائح. لذلك فكل ما يقوم به الوزير من زيارات، أياً كان نوعها أو موعدها أو طريقتها أو مرافقيها، هو حق أصيل له لا ينازعه فيه أحد رفضًا أو إيجابًا، وهو من يسمح لمن يليه في المسؤولية بالقيام بمثل هذه الزيارات إذا رأى أن هذا مناسب لمراجعة أمور بعينها أو توصيل رسائل محددة.

لذلك لا يمكن أن يكون هذا التساؤل محل نقاش أو جدل، ولكن الأهم من ذلك هو مغزى كل زيارة وتوقيتها. فإذا تحدثنا عن الترتيبات اللوجستية لها، وما يحدث فيها من مفاجآت، فإن مكالمة لمدة ثوانٍ من مدير مكتبه في الصباح الباكر أو حتى في الليل المتأخر إلى قيادة الشركة المرشحة للزيارة، تمنع أي ارتباك قد يحدث أو التحضير لها على وجه السرعة. وكون هذه المكالمة لم تحدث، فعليك أن تقرأ ما وراء الأحداث.

لم يمثل وجود رئيس شركة في الحقول أي مشكلة، وتمت الزيارة رغم ذلك. إذ إن وجود الوزير في الشركة يتم بالطريقة التي يراها هو فقط، وكافة ما يرتبط بها من استقبالات أو اجتماعات هي رسائل واضحة، ولا تأتي على رسلها كما يعتقد البعض.

بالتأكيد هو نموذج جديد لم تعتده مثل هذه القيادات في شركات منزوِية، وحتى القيادات الجديدة التي نشأت على العمل في ستر الخفاء، حتى لا يرى أحد أو يطلع على مزاياها أو عدد سياراتها أو مشكلاتها مع العاملين، التي قد تصل إلى مسامع الوزير. ثقافة قديمة ما زالت سائدة، وما زال هناك من يقدسها ويبني أسوارًا حديدية حول شركته وكأنها أصبحت عزبة خاصة به، ولا يدرك أن العمل العام هو محط الأنظار والانتقاد بلا أي دوافع شخصية.

والمتابع يرى أن الوزير، على الرغم من كل ذلك، ما زال يتعامل بدماثة خلق، حتى وإن اختلفت أهدافه مع كل زيارة. ولكن ماذا سيفعل هؤلاء لو طلب الوزير، مثلاً، بيانًا بمحتويات خزينة الشركة وما تحتويه، وآخر تقرير جرد لها؟ ماذا سيكون رد الفعل، وهي بالمناسبة من حقه، ويمكنه أن يطلب أي بيان آخر من خصوصيات الشركة من مهمات وسيارات وغيرها، دون أي غضاضة، وتحويل البيان للدراسة والتحقيق إذا شاء. وإن كان في الغالب سيكون الرد أن البيان غير جاهز الآن؟

نحن على يقين أنه لن يستاء من ذلك، ولن يندهش سوى من يريد أن يعمل في الظلام.

حان الوقت أن تنتهي مرحلة وتبدأ أخرى، فيها من الشفافية والانضباط ما لم نألفه منذ فترة طويلة، للأسف.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط