الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 الموافق 25 جمادى الثانية 1447

مجرد رأي: التاريخ لن يحاسب الا الوزير نفسه

674
المستقبل اليوم

 

من أكثر الحجج تداولًا كلما اشتدت الأزمات، تلك المقولة الجاهزة: الوزير شخص محترم وكفء، لكن المشكلة في اللي حواليه.

حجة تبدو للوهلة الأولى منطقية، بل ومريحة نفسيًا، لأنها تعفي رأس المنظومة من المسؤولية، وتُحمّلها دومًا للدائرة المحيطة به، وكأن الوزير كيان منفصل عن فريقه، أو ضيف شرف لا يملك قرارًا ولا اختيارًا.

لكن المنطق العملي يقول عكس ذلك تمامًا. فالوزير، أي وزير، لا يُقاس فقط بنواياه أو أخلاقه أو سيرته الذاتية، بل يُقاس بمن اختارهم، وبمن أبقاهم، وبمن تجاهل أخطاءهم. لأن الإدارة ليست خطبًا ولا تصريحات، الإدارة قرارات.وإن كان من حول الوزير يسيئون التقدير، أو يخطئون التخطيط، أو يعزلون أنفسهم عن الواقع، فالسؤال البديهي: من أتى بهم؟ ومن منحهم الثقة؟ ومن تركهم في مواقعهم رغم تكرار الفشل؟

فى وزارة البترول، لا يمكن إنكار أن القطاع زاخر بالكفاءات والخبرات المتراكمة، ولا يعاني فقرًا في العقول ولا نقصًا في الرجال. ومع ذلك، تتكرر الأزمات، وتتجدد الشكاوى، وتتسع الفجوة بين متخذ القرار وبين مواقع الإنتاج والعاملين.

هنا تعود نفس الحجة للظهور:
الوزير كويس…لكن التقارير اللي بتيجي له مضللة...الوزير مش شايف اللي بيحصل على الأرض.

وكأن المنصب الوزاري أصبح غرفة مغلقة، لا يدخلها إلا ما يريد البعض تمريره، ولا يخرج منها إلا قرارات منفصلة عن الواقع.

الحقيقة المؤلمة أن الوزير الذي لا يرى ما يدور في وزارته، مشكلة…والوزير الذي يرى ولا يتحرك، مشكلة أكبر.

أما الاكتفاء بترديد أن “المحيطين به هم السبب”، فهو إقرار غير مباشر بأن المنظومة مختلة، وبأن القيادة لم تنجح في إدارة فريقها، وهي في حد ذاتها مسؤولية لا تقل جسامة عن أي خطأ عملي.

من المفترض ان المسئول لا يبحث عن شماعات، ولا يختبئ خلف مستشار أو مساعد، بل بتحمل، ويصحح، ويغيّر حين يصبح التغيير واجبًا لا خيارًا.

وفي النهاية، التاريخ لا يذكر أسماء من كانوا “حول الوزير”،التاريخ لا يحاسب إلا الوزير نفسه.

#سقراط




تم نسخ الرابط