الأربعاء 17 ديسمبر 2025 الموافق 26 جمادى الثانية 1447

محمد الباجوري...القصة وما فيها

615
المستقبل اليوم

في رائعة الكاتب الكبير نجيب محفوظ (حديث الصباح والمساء)، أظهر بشكل درامي كيف يعيش الناس حياتهم، كيف يتكاثرون ثم يموتون، وكيف أن ما حدث في الماضي يتكرر في الحاضر بكافة تفاصيله، وكأنه أقدار مكتوبة لا تتغير. هكذا تمر علينا الحياة في كافة مناحيها، لا تغيير فيها ولا تبديل. ومن هذا المنطلق نأخذ خيط الحديث عن ضيف موضوعنا اليوم، المحامي محمد الباجوري.

لم يخلُ الماضي من ادعاءات بوجود ما يُسمّى بـ«مراكز القوى» في وزارة البترول. حدث هذا منذ زمن المهندس شامل حمدي، مرورًا بوهبة عيسى، وانتهاءً بزمن مؤنس شحات وإبراهيم خطاب. نُسجت حول هذه الشخصيات قصص وحكايات تسمعها وكأنك تعيش في عالم تخيلي من عوالم ألف ليلة وليلة. الكل يُدلي بدلوه عند كل قرار أو عند كل تعيين، بأنه آتٍ لا ريب من أحد هؤلاء، وهم «مراكز القوى» التي يتخيلها الناس في أذهانهم. تغدو هذه التخيلات بذرة تنمو وتتفرع لتصبح شجرة عتيقة، لا وجود لها إلا في مخيلة من زرعها، وللأسف كثير من الناس.

وهكذا لا يتغير الزمن؛ يذهب زمن هؤلاء لتُنسج نفس القصص والحكايات حول شخصية محمد الباجوري، بزعم أنه أصبح أحد «مراكز القوى» في وزارة البترول، كونه أصبح مرافقًا للوزير في سفرياته واجتماعاته. المثير في هذا الموضوع أن هذه الادعاءات خرجت لأول مرة من نطاق الوظائف الفنية والإدارية، والمعروف عنها أنها تتحكم إلى حد كبير في كثير من القرارات، وخاصة تلك التي تهم السواد الأعظم من العاملين، لتتجه لأول مرة إلى الشخصيات القانونية، وهو مسار جديد لم نعهده من قبل.

ودعونا نسير في هذا التوجه الذي انتشر بشكل لافت، ونتساءل: هل قوة الشؤون القانونية أو القائم عليها تُثير الفزع أو القلق؟ منذ متى كان القانون، والقائمون عليه، مصدر فزع أو قلق، سوى لمن كان موتورًا متوجسًا؟ هل يدرك هؤلاء صعوبة وتشابك العلاقات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاستثمارات الجديدة؟ هل يعلمون صعوبة التعامل مع آليات السوق الحالية والأطراف الفاعلة فيها، التي أصبحت غاية في التعقيد، بحيث تصبح لكل كلمة معناها وحجيتها في المستقبل؟ هل يعلم هؤلاء مدى حساسية التعديلات التشريعية التي تمت لهيئة الثروة المعدنية؟

إن قوة الشؤون القانونية يجب أن تُثير الاطمئنان، لا أن تدفع للبحث في دفاتر الماضي عن شخصية وهمية تُسمّى «مركز قوة». الحديث يطول، والتفاصيل لا تنتهي، وخلاصة القول: من قال لك إنه يعلم فهو واهم، ومن قال لك إنه خبير ببواطن الأمور فهو جاهل.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط