الأربعاء 24 ديسمبر 2025 الموافق 04 رجب 1447

مجرد رأي: موسم تساقط الأوراق

121
المستقبل اليوم

عادةً ما يأتي خريف الأيام بإحساس غامض ينتاب الناس، بين شعور دفين بالخوف من المستقبل ورغبة في الاحتماء بإحساس الأمان. ولا يسلم أي قطاع عمل من هذا الشعور، لأنه ببساطة هو الناس أنفسهم.

قطاع البترول في هذه الفترة يعيش هذا الشعور، يترقب ويعايش هذه الأيام ما بين نهاية سنة وبداية أخرى. ولكن هذه السنة تختلف عن أي سنة أخرى، فما بين البدايات والخواتيم كُتبت صفحة تُطوى الآن في سجلات الزمن. فيها بدأت الأوراق تتساقط من شجرته، مغادرةً معترك ساحات العمل، ما بين رؤساء شركات ونواب شركات قابضة، وخلال أيام وشهور يغادر أيضًا رؤساء آخرون وقيادات هامة من كل الشركات والمواقع، ولن يأتي صيف العام الجديد إلا وتكون كوكبة كبيرة من هؤلاء قد غادرت بالفعل.

هذا ليس رسمًا حزينًا لصورة شجرة تقف وحيدة في صحراء عاصفة تقتلع أوراقها الواحدة تلو الأخرى، ولكنه محاولة لاستبيان واقع نعيشه، ومستقبل يجب أن يكون حاضرًا في أذهان من يقومون على رسم سياسات واستراتيجيات هذا القطاع الهام.

بالتأكيد سيطوي العام الجديد صفحة هامة، بها العديد من الأسماء اللامعة، جاءت على نمط نظام اختيار كلاسيكي تميّز به القطاع منذ عهد الكيميائي عبد الهادي قنديل، وإن كان هو ومن جاء من بعده قد جعلوا دائمًا صفحة للمستقبل بها من القواعد ما ينير الطريق ويكمل المسيرة لمن يأتي بعده. ولكن وقتنا الحاضر لم يعد يقبل أن يتعايش مع هذا النظام، وكأنه أصبح سنة من سنن الحياة المفروضة علينا، مثل الزواج أو إنجاب الأطفال؛ فمثل هذه السنن لا إبداع فيها، وإنما هي توجّه أو قانون مقدس على الجميع أن يؤديه، حتى وإن كان من دون رغبة.

وعندما نقول إن الوضع الحالي بما يحمله من أعباء ومسؤوليات جسيمة وتغيرات على كل الساحات المحلية والدولية، لم يعد يقبل أو يتحمل ـ بمعنى أدق ـ مثل هذا التوجه الروتيني، فإنما هو تأكيد على أنه لم يعد هناك ملاذ سوى الجديد من الأفكار، والابتكار في تغيير هيكل الإدارة والقيادة ونظم العمل به، بشكل أو بآخر، واستغلال كل قدراته التي قام عليها أجيال وأجيال بشكل تجاري واستثماري واضح، يُحدث فارقًا في مستقبله، ويُبقيه حيًا قويًا، مساندًا لاقتصاد دولة ينوء بأحمال جسيمة، وحافظًا لأرزاق آلاف العمال داخله.

ها هو العام يلملم أوراقه ليغادر مسرعًا، ليصبح تاريخًا، ويترك للعام الجديد فرصته في رحلة صياغة مرحلة جديدة من مراحل حياتنا. ولكن لا شك أنه كتب كلمات وحروفًا كثيرة، وأصبح ورقة هامة في صفحات تاريخ هذا القطاع وقياداته. ومع ازدحام أحداثه، لم تظهر بعد أية دلائل أو سطور حتى الآن في لوحة صفحته الجديدة.

والسؤال: إلى متى ستظل فارغة بيضاء بلا سطور؟والسلام،،

#سقراط




تم نسخ الرابط