الخميس 25 ديسمبر 2025 الموافق 05 رجب 1447

الحركة القادمة بين الترقب والمفاجأة

2701
المستقبل اليوم

لأول وهلة قد يعتقد قارئنا العزيز أننا ننوّه إلى موعد صدور حركة تغيير أصبحت واجبة لسببين؛ أولهما مرور فترة كافية من اختبار العديد من القيادات في أماكنها الحالية، منهم من نجح، ومنهم من يحاول، وآخرون للأسف فشلوا في تقدير حجم المسؤولية التي يتحملونها.
ويأتي السبب الثاني، وهو بالقطع واقع نعيشه في ظل خروج العديد من القيادات خلال الأيام والأسابيع المقبلة. وسواء كانت هذه الحركة في طور الإعداد أو جاهزة للظهور، فما يعنينا هو هندستها وكيفية تصميمها في ضوء المتغيرات والظروف الحالية.

أثبتت التحركات السابقة وجود نمط كلاسيكي قديم في الاختيار، يعتمد على تصعيد كوادر الصف الثاني من نفس الشركة إلى موقع القيادة، وهو نظام كان يؤيده ويعمل به المهندس شريف إسماعيل عن قناعة بأن الاستمرارية هي مفتاح نجاح إدارة الشركة، وعدم تعريضها لتجارب قد تصيب أو تخيب، وهو ما يكلفها وقتًا ضائعًا يذهب مع اختيار سيئ لشخصية لا تعي معنى القيادة.

ربما كان هذا النظام ناجحًا إلى حد بعيد في شركات صغيرة، أو شركات كبرى لها شريك أجنبي ثقيل له اليد العليا في عمليات التشغيل وإدارة استثماراته الكبيرة. وهذه الشركات معدودة ولا تمثل أكثر من 40٪ من الشركات، ويأتي القسم الثاني، وهو الذي يحتاج بالفعل إلى شكل جديد في طريقة الإدارة، وتحديد أولويات العمل، وقوة الشخصية اللازمة لفرض القواعد وتطبيق اللوائح بالشكل المفروض.

ونحن لا ننكر وجود أزمة حادة في الاختيار، بعد أن وجد جيل كامل نفسه أمام معترك صعب دون تدريب، أو حتى خبرة في تطبيقات الإدارة، حتى وإن كانت إدارة تقليدية، دون ترف التطرق لأساليب الإدارة الحديثة.

ويقع مفهوم الأزمة في محدودية الاختيار بين عناصر الوظائف الهندسية فقط، وهو ملعب ضيق جدًا، واختياراته تقع في مربع يخلو عادة من أصحاب حنكة الإدارة، ويتجه نحو الأساليب المباشرة التي تتطلبها وظيفته الهندسية، وهو ما قد يفتقد إلى السياسة في أحيان كثيرة، ويخلق العديد من المشاكل.

والسؤال هنا: هل نرى تغييرًا في هذا النمط، والاتجاه إلى مساحات أوسع تكون فيها قيادات الشركات من مختلف التخصصات؟
التخصص بلا شك مهم، ولكنه ليس العامل الوحيد للنجاح، والاتجاه إلى تخصصات أخرى، مثلما حدث بتكليف حسام التوني برئاسة شركة ميداليك بعد إحالته للتقاعد، ربما يكون نموذجًا صريحًا لهذا التوجه الجديد، وإذا كانت تجربته ناجحة فإنها لا بد أن تكون عاملًا مشجعًا لتطبيقها في أماكن أخرى.

في النهاية، نتمنى أن نرى هيكلًا قياديًا جديدًا لديه الدافع والتحدي لتحقيق النجاح، ويكون بفكر مختلف يستطيع أن يتعايش مع أمور مستجدة جديدة، لم يعتدها كثير ممن ينتظرون كرسي القيادة، المتسلحين بعدد سنوات عملهم فقط، ويعتقدون أنها المسوغ الوحيد للاختيار.
أيام، وربما ساعات قليلة، ونرى كيف سيتم هندسة الحركة الجديدة.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط