الأربعاء 31 ديسمبر 2025 الموافق 11 رجب 1447

مجرد رأي: لغير المسلمين

159
المستقبل اليوم

 

اشتعلت الأجواء على غير انتظار، على الرغم من أن معظمنا كان يُمَنّي نفسه بليلة رأس سنة سعيدة، حتى لو كانت بحفنة من اللب والسوداني. صدر قرار من جهة إدارية لتحديد أيام الإجازات الخاصة بأخوتنا الأقباط خلال العام الجديد. وعلى الرغم من أنه يبدو قرارًا روتينيًا عاديًا، فإنه أشعل حملة انتقادات واسعة، كونه حدد هذه الإجازات بتعبير «لغير المسلمين».

انتفض الأقباط والمسلمون ضد هذا التعبير، لعدم وصفهم بكنيتهم الصحيحة، وهي المسيحيون أو الأقباط. وتفتح هذه الحادثة من جديد ما ناقشناه مرارًا وتكرارًا بضرورة توخي الحذر عند الحديث ومخاطبة الرأي العام، لأنها مسألة شديدة الحساسية والخطورة. فكل كلمة وكل تعبير له مدلول، وهناك مفاهيم وثقافات كثيرة في المجتمع قد تأخذ بعض التعبيرات أو الألفاظ على غير محملها.

الأمة المصرية بها عنصران، المسلم والمسيحي، يشكلان جسد هذه الأمة، ولا يستقيم العيش في هذه البلاد إلا بوجودهما معًا. فمصر التي عاصرت واحتضنت رحلة العائلة المقدسة، وامتلأت بالأديرة في أماكن ترحالهم الطاهرة، ثم احتضنت الكثير من صحابة رسول الله، بعد أن أوصى الرسول بأهلها خيرًا، لا يمكن أن تعيش إلا بوجود أبنائها مجتمعين. وهم في تألف وترابط قلّما تجده في أي مكان آخر على ظهر هذه الدنيا.

ونعود إلى من يتصدون لكتابة مثل هذه النوعية من المحررات؛ إذ عليهم أن يتعلموا فنون الكتابة والتعبير، سواء الرسمي أو الشعبي، لأن الخطأ أو الاستسهال فيهما قد يشعل نار الغضب. فأعياد المسيحيين هي أعياد لكل المصريين، وما زال المسلمون يحتفلون بأعياد شم النسيم والغطاس ومأكولاتهما المعروفة منذ آلاف السنين، وحتى قيام الساعة.

أما من تفلسف ووضع كلمة «غير المسلمين»، فكان عليه أن يعرف أن أداة الاستثناء هنا تكون صحيحة إذا كان لدينا من يدينون باليهودية؛ حينئذٍ يكون هناك أتباع ديانة ثالثة، وهنا فقط يصح هذا الاستثناء.

تعلموا مخاطبة الناس، لأن الرأي العام ليس حقل تجارب، والتعامل الإعلامي معه يجب أن يكون من ذوي التخصص. عمومًا، تم سحب القرار، وصدر آخر بالتعبير الصحيح: «أعياد الإخوة الأقباط».

كل سنة وجميع المصريين، مسلمين ومسيحيين، بخير.
والسلام،

سقراط




تم نسخ الرابط