الخميس 05 ديسمبر 2024 الموافق 04 جمادى الثانية 1446

عندما يتزايد الطلب على الطاقة

منصة الطاقة: أجراس الخطر تدق في أوروبا بسبب الغاز

417
المستقبل اليوم

في خطوة مفاجئة وسريعة، أصدرت 3 شركات تجارة عالمية قرارًا عاجلًا بتغيير دفة 3 سفن تحمل شحنات غاز كانت متجهة إلى بلدان أوروبية.

ووفق البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فالسفن الـ3 هي "إمبريس" (Empress) التابعة لشركة شل متعددة الجنسيات و"أريستوس 1" (Aristos 1) التابعة لشركة بي بي البريطانية و"دايموند غاز فيكتوريا" (Diamond Gas Victoria) التابعة لشركة ميتسوبيشي اليابانية.

وجاءت التحركات السريعة بدعم من الرغبة في تحقيق مكاسب قوية في ضوء ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وانخفاض الأسعار الفورية للشحن في آسيا عن أوروبا.

وقبل أسبوعين، كان الوضع معكوسًا؛ إذ غيّرت شحنات غاز مسال طريقها من آسيا إلى أوروبا نتيجة لارتفاع أسعار الغاز بالقارة العجوز على خلفية توقُّف إمدادات شركة غازبروم الروسية إلى "أو إم في" النمساوية (OMV).

شحنات غاز مسال تبدل مسارها

أظهرت بيانات تتبع السفن أن ناقلة الغاز المسال "إمبريس" كانت في طريقها إلى إحدى البلدان الآسيوية بعدما غادرت محطة سابين باس (Sabine Pass) في ولاية لويزيانا الأميركية يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، ثم غيّرت مسارها إلى آسيا بعد أسبوع.

وبالنسبة للناقلة "أريستوس 1"، فقد غادرت جزيرة بوني في نيجيريا يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول (2024)، لتسير في طريق رأس الرجاء الصالح، ثم اتجهت غربًا باتجاه المحيط الأطلنطي، ثم عادت وغيّرت مسارها شرقًا باتجاه آسيا.


وكانت الناقلة "دايموند غاز فيكتوريا" متجهة إلى أوروبا، بعدما غادرت موقع مشروع ليك تشارلز (Lake Charles) في ولاية لويزيانا يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني (2024).

وبعدما كان يبدو أنها متجهة إلى أوروبا، حوّلت مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهي الآن في طريقها إلى تاي تشونغ في تايوان.

أسعار الغاز في آسيا

كان ارتفاع أسعار الغاز في آسيا مقارنة بأوروبا هو الدافع الرئيس لتغيير مسار الشحنات الـ3، كما أشعلت برودة الطقس نار المنافسة بين الشركات العالمية على الوقود الذي يتزايد عليه الطلب لأغراض التدفئة وتوليد الكهرباء.

وسجّل سعر الغاز في آسيا 15.10 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية يوم الجمعة الموافق (29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، لتبقى عند أعلى مستوى لها خلال هذا العام، بدعم من الطقس القارس في شمال القارة.

على الناحية الأخرى، كان سعر الغاز لشهر أمامي في مركز "تي تي إف" الهولندي المرجعي في أوروبا (TTF) 47.50 يورو (50 دولارًا) لكل ميغاواط، بما يعادل 14.72 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية.

وهنا، يرى مدير تسعير الغاز المسال في وكالة أرغوس (Argus)، صامويل جود، أنّ ما عزّز تفضيل الشركات لآسيا هو الانخفاض "القياسي" في الأسعار الفورية لتأجير ناقلات الغاز المسال هناك.


وأشار إلى أن الفارق السعري كان كافيًا لتغطية أسعار الشحن الفورية لتوصيل شحنات الغاز المسال الأميركي عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وليس أوروبا.

أسعار الغاز في أوروبا

يقول كبير محللي شؤون الغاز المسال في شركة جمع بيانات السلع "آي سي آي إس" (ICIS)، أليكس فرولي، إن الأسبوعين الماضيين شهدا تغيير مسار 5 شحنات غاز مسال من آسيا لأوروبا بسبب ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، على خلفية نزاع تعاقدي بين شركتي أو إم في النمساوية وغازبروم الروسية، أدّى إلى توقُّف الإمدادات للبلد الأوروبي.

وبسبب ارتفاع الأسعار لأعلى مستوى خلال عامين في أوروبا، قفزت تسليمات الغاز المسال الأميركي إلى القارة العجوز، في حين تراجعت إلى آسيا وأميركا اللاتينية بنسبة 25% خلال نوفمبر/تشرين الثاني.

وخلال الشهر الـ11، سجّل متوسط سعر الغاز في أوروبا 12.90 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية، بزيادة قدرها أكثر من دولار عن أكتوبر/تشرين الأول السابق، وبزيادة أيضًا عن 12.32 دولارًا في سبتمبر/أيلول، كما ارتفع سعر الغاز لشهر أمامي في مركز "تي تي إف" الهولندي إلى 14.94 دولارًا يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني.


وجنّبت أوروبا أزمة طاقة بعد تراجع إمدادات الغاز الروسي (المصدر الرئيس سابقًا) على خلفية اندلاع الحرب مع أوكرانيا في مطلع عام 2022.

وخلال نوفمبر/تشرين الثاني، اتجهت 7 من كل 10 شحنات غاز مسال أميركي إلى أوروبا التي شكّلت 68% من إجمالي صادرات الولايات المتحدة، لترتفع الواردات إلى 5.09 مليون طن متري، بزيادة كبيرة على 3.65 مليون طن في أكتوبر/تشرين الأول.

الغاز المسال في آسيا

أرجع أليكس فرولي التحويلات من أوروبا، إلى عودة الأسعار في آسيا للارتفاع، أو إعادة تقييم الشركات أعمالها بعد ردّ الفعل الأول.

بدوره، يتوقع الخبير صامويل جود أن يتجه المزيد من ناقلات الغاز المسال إلى آسيا، مع ظهور فرص مراجحة أكثر ربحية نتيجة للفارق السعري.


لكن لا يمكن -بحسب جود- تحويل كل شحنات الغاز المسال المتجهة لأوروبا أو التحميلات المقررة هناك إلى آسيا بسبب فرص المراجحة، وخاصة الشحنات المتجهة إلى وحدات التخزين وإعادة التغويز العائمة في أوروبا، كونها مرتبطة بجداول زمنية لإعادة التغويز وتجنبًا للتداخل مع عملاء آخرين.


هل أوروبا على شفا أزمة؟

تدقّ أجراس الخطر في أوروبا مع حلول الشتاء، بالتزامن مع زيادة السحب من المخزونات وارتفاع أسعار الغاز وانتهاء اتفاق الغاز الروسي، ما يعيد للأذهان أزمة الطاقة الموجعة في 2022.

وأدى الطقس البارد إلى استعمال المزيد من الغاز لأغراض التدفئة، كما تراجع إنتاج الكهرباء من الرياح في شمال أوروبا، ليرتفع الطلب أكثر على الغاز.

وارتفعت نسبة السحب من مخزونات الغاز في أوروبا بأسرع وتيرة لها في 6 سنوات، وبأعلى 4 مرات عن المتوسط خلال العقد الماضي.

وانخفضت المخزونات بمقدار 83 تيراواط/ساعة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني.

وتشير البيانات إلى أن مستويات تخزين الغاز "مازالت مريحة"، لكنها أقل مما كانت عليه خلال فصلي الشتاء الماضيين.

كما يرتفع مستوى السحب عن الإضافة، وإذ تبلغ نسبة امتلاء مرافق التخزين 85.47% في الاتحاد الأوروبي يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني، كان مستوى الضخ 538 تيراواط/ساعة في مقابل 4 آلاف و364 تيراواط/ساعة للسحب.

ويتزامن ذلك مع انتهاء سريان اتفاق مرور الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية في 31 ديسمبر/كانون الأول الجاري (2024)، وهو ما يضع دول شرق أوروبا خاصة في أزمة، ما لم تجد بديلًا أسرع مثل أذربيجان.

ويرى محللون أوروبيون أن نصيب روسيا في سوق الغاز المحلية ضعيف، كون نسبة مساهمتها تراجعت من 40% في عام 2021 إلى 9% في 2023، كما توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى النمسا.

ويبرز خط أنابيب ترك ستريم (TurkStream) بديلًا لنظيره المار بأوكرانيا، وسيواصل تزويد المجر بالغاز، لكن دول وسط أوروبا سيتحتّم عليها إيجاد بديل.




تم نسخ الرابط