مجرد رأي..صيانكو و العمالة وأهمية إعادة الهيكلة

بعيدًا عن أجواء التصريحات والاحتفالات، ينبغي أن يكون هناك نظرٌ متفحصٌ لمشكلات قطاع البترول والعاملين فيه، خاصة تلك المزمنة التي تُركت دون حلول حقيقية. فلا جدوى من أي إنجاز يتم تحقيقه إذا جاء على حساب العمال أو دون تحقيق منفعة عامة يشعر بها الجميع.
فى السابق كانت شركة صيانكو تعد واحدة من تلك الشركات التي وُلدت في أجواء احتفالية، صاحَبها شعور بالتفاؤل في ظل ما كان يُعتقد أنه نمو رأسي في قطاع البترول خلال فترة ماضية، إلا أن الأيام كشفت أن ذلك النمو لم يكن إلا نموًا أفقيًا، زادت فيه العمالة والأعباء دون تحقيق عائد اقتصادي حقيقي يبرر إنشاء الشركة أو توظيف هذا العدد الكبير من العاملين فيها بهذا الشكل، وهو ما المجهود الإصلاح الحقيقي الذي قاده رئيس الشركة المهندس ياسر ألوالعلا، لو كان في بناء اهرامات جديدة لبناها بالفعل .
وبالطبع، لا يمكن تحميل العاملين ولا القيادات الذين جاءوا لاحقاً ذنب هذا الإخفاق، أو غياب الدراسة الاقتصادية أو الفنية الواضحة لإنشاء مثل هذه الشركات، والتي وصلت اليوم إلى مرحلة “اللاعودة”. ولذا، فإن لجوء الوزير السابق وفريقه إلى معالجة الوضع عبر ندب العاملين إلى شركتي غازتك وكارجاس للعمل في محطات تموين السيارات، ما هو إلا تكرار لنفس الحلول المرحلية التي اعتادها القطاع منذ سنوات، دون أي حل جذري لأسباب المشكلة.
وهنا تبرز الحاجة الملحة إلى مفهوم إعادة الهيكلة، بالمعنى الفني والاقتصادي، وهو المفهوم الذي تم تجاهله عمدًا أو إهماله بشكل لافت، فشركات الخدمات والاستثمار يجب أن تكون ذات موارد واقعية تُمكّنها من الاستمرار، لا أن تظل مجرد كيانات يدفع القطاع رواتب عامليها دون أن يقوموا بأي نشاط فعلي ، بالطبع شركة صيانكو وغيرها الآن لهم استقلالية ويحققون هامش ربح، لكن الامر يبحث الحلول الجذرية .
لهذا، يجب أن نُعيد تقييم واقع شركاتنا بمنطق اقتصادي واضح. وبالنسبة لصيانكو، يمكن طرح جزء من أسهمها لمشاركة القطاع الخاص، بما يتيح تطويرها وإعادة تشغيلها بشكل منتج، وهناك العديد من الشركات الوطنية العاملة في مجال تصنيع الأجهزة المنزلية التي قد تجد في هذه الخطوة فرصة مناسبة للتعاون والاستثمار، وهو مقترح سيحظى على الأرجح بقبول كبير منها، واعتقد ان المهندس ياسر أبوالعلا ، قادر على تنفيذ الفكرة بالتعاون مع قيادات إيجاس .
كذلك، هناك الكثير من شركات الإنتاج التي تحتاج إلى عمالة متخصصة في أعمال الصيانة المدنية بحقولها ومواقعها، ويمكن الاستفادة من عمال صيانكو تدريجيًا بدلًا من استمرار الوضع المُهين الذي يعاني منه حاليًا كبار السن ومن تحطوا الاربعين .
إن غضّ البصر أو السكوت عن هذه المشاكل المزمنة يجب أن يتوقف، ويجب أن تجد مثل هذه الشكاوى طريقها إلى أصحاب القرار، فدورهم ومسؤوليتهم أن يجدوا حلولًا ، خاصةً تلك التي تأتي من خارج الصندوق ، قطاع يعاني في طياته من مشاكل وآهات لن ينجح في تحقيق إنجازات حقيقية مهما توالت المؤتمرات وتجمّلت الاحتفالات. والسلام،
#سقراط