الثلاثاء 02 ديسمبر 2025 الموافق 11 جمادى الثانية 1447

شخصيات على طاولة الأحداث: يس ومحمود عبد الحميد (2)

474
المستقبل اليوم

مازالت طاولة الأحداث في القطاع تضم العديد من قيادات الصف الأول التي تعايش واقعنا بكل ما فيه من متغيرات وتحديات. وتقرير “طاولة الأحداث” ليس منصة اتهام أو تصفية حسابات، وليس ريبورتاجًا عن تاريخ وإنجازات شخصيات الطاولة، ولكنه تحليل لأدوار وواقع حالي يعيشه الجميع ويتفاعل مع معطياته ومخرجاته ويؤثر في المجتمع. وقد قال الدكتور طه حسين في ذلك: إن قصد الحديث في مبلغه وعلته الظن.

نعود إلى شخصياتنا على الطاولة، وهما كل من المهندسين يس محمد وخليفته محمود عبد الحميد. هذه الشخصيات تحديدًا لا تستطيع أن تفصل أدوارها بعضها عن بعض، لأنها في تشابك عضوي يعمل في دوائر متقاطعة، حتى وإن اختلفت طبيعة الشخصيات والمسؤوليات.

يس محمد جاء ليخلف مجدي جلال، قادمًا من قطاع فني بحت، وفي واحدة من أصعب فترات قطاع البترول، وقت أن كانت جميع أجهزته وأدواته في حالة استنفار لا مثيل لها، وفي مشهد يغلفه الضباب حول ما إذا كان دور طارق الملا قد انتهى أم مازال قائمًا. الرجل واجه فترة ريبة صعبة مليئة بالمحاذير، فأي تصرف أو قرار سيؤخذ سيكون له ما بعده. وانتهت هذه الفترة بتغيير وزاري متوقع، ليدخل مرحلة أخرى من مراحل العمل الشاق التي قلما اضطلع بها رئيس مؤسسة الغاز في مصر، وهو الدور الدبلوماسي والتداخل في “سياسة الفراشة الطائرة” بشكل احترافي. وقد كانت مفاجأة بالفعل، وإن جاءت على حساب صحته وقوته الجسدية.

كانت فترة رمادية تُرسم خطوطها بعناية، لأن أي تقاطع فيها كان سيؤدي إلى كارثة. تفاصيل هذه المرحلة كانت كثيرة ومثيرة، إلى أن اتضحت الصورة بعد أن وُضعت في إطار محدد تم العمل عليه، وتشكلت خطوطه بصورة أكثر وضوحًا في العديد من المشاريع المستقبلية وإجراءات توفير الغاز. وكانت نهاية رحلته في هذه المؤسسة منطقية إلى حد بعيد، بعد أن وضع أساسيات قوية للبناء عليها لمن بعده.

كان اختيار محمود عبد الحميد يمثل المدرسة التقنية المطلوبة في هذه المرحلة، ويعبّر عن انتهاء فترة من التجهيز والتحضير لاستقرار الأوضاع ووضع الأساس لبدء طريق طويل وشائك لإعادة الاكتفاء الذاتي للبلاد مرة أخرى. وإذا كان يس محمد قد وضع أساسًا لعلاقات خارجية ناجحة مع فريق الوزير مجتمعًا، فإن تحديات الخارج في ظل وجود محمود عبد الحميد على رأس المؤسسة لم تنتهِ كما يتصور البعض؛ فوجود دراسات حثيثة لمشاريع عابرة للحدود لنقل الغاز من بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات إلى أوروبا، قد يغري بعض الدول الإقليمية الأخرى في شرق المتوسط للاشتراك فيها بعيدًا عن المسارات التي نعمل عليها منذ فترة، وهو أمر مثير للقلق والحذر ويجب العمل عليه بدقة ومراقبة تطوراته بشكل مستمر.

لا يمكن أن نفصل بين أدوار الشخصيتين، فهما مازالا في تكامل عضوي يصعب التفريق فيه حتى الآن. شخصيتان بارزتان بالفعل، لم تمنحهما الظروف برهة أو هدنة، لأنهما مازالا في معركة مع واقع صعب لم تنتهِ فصوله حتى الآن.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط