الأحد 21 سبتمبر 2025 الموافق 29 ربيع الأول 1447

مشاهدٌ من عالم الجوافة..شيماء محمد

128
المستقبل اليوم

في زمنٍ تبدّلت فيه القيم… وانقلبت فيه الموازين…صار الإنسان لا يُعرف بعلمه ولا بخلقه ولا بيقينه…بل بما في جعبته من جوافة… وما على كتفه من كيلواتٍ متينة…

الجوافة صارت دستورًا للأرواح… وميزانًا للمراتب والمقام…من زاد حمله علت منزلته… ومن نقص كيله هبط قدره…لم تعد البطاقة هويةً ولا رقمًا قوميًّا…بل ورقة صفراء عليها نجومٌ تُمنح كل خمسة كيلوات…
تُعطيك حق الزواج… أو تحرمك حتى من حق السؤال…

الاقتصاد تبدّل… لم تعد البنوك تُحصي الأوراق ولا المعادن…بل غدت المخازن خزائن الثمار… والتضخم يُقاس بعدد الأوراق الساقطة من الأغصان…الأسعار موجٌ مضطرب…ترتفع إن هبّت الرياح… وتهبط إن أزهر الغصنُ ومال بالثمر الذى يسقط بارتياح…

أما التعليم فصار سوقًا للكيلوات…الطالب المتفوق من يُرضي أستاذه بسلةٍ ممتلئة…
والشهادات العليا ألقاب غريبة…ماجستير في التقشير… دكتوراه في التخزين والتخمير…

والعمل لم يعد حرفةً ولا مهارة…بل سباق أكتاف وأذرع قادرة…والموظف المثالي من يحمل الكيلوات بلا كسرٍ ولا فتور…ويمضي ثابتًا على قارعة الإدارة كأنه بطلٌ جسور…

أما الحب فصار قشرةً لامعة…والصداقة كيسًا في ساعةٍ ضائعة…
والطلاق جملةً عابرة… "خُذ الجوافة واتركني"…
وكأنها نهاية حكاية باردة…ساذجة… خاسرة…

حتى الصحة لم تسلم…
فالطبيب لا يستمع لأنينك إلا بعد أن تضع أمامه وزنك جوافةً وكيسا…
والعملية لها تسعيرة بالكيلوات…أما النفس الكسيرة فدواؤها وصفة مأثورة…"اخلط كيلوين… وأشرب كأسين… على الهموم المشؤومة"…

الإعلام يُقاس بالكيلو… والرياضة صارت حمل سلال…الجماهير تصرخ… "هات كيلو… هات كيلو!" في كل مجال…وفي الفن تُغنّى الألحان على نغمة الجوافة…وتُكتب الروايات عن أكياسها الخالية…

مشاهدٌ من عالم الجوافة العجيبة…مريضٌ يُطرد من باب المستشفى لأنه بلا ثمار…عريسٌ يفاخر خطيبته بكيلو "بلدي" نادر… لا مستورد ولا مغشوش ولا مُستعار…
وسياسيٌّ يقسم أن الكيلو سيهبط إلى خمسة جنيهات…فيفوز بالأغلبية الساحقة… كأنه منقذ المعجزات…

وفي النهاية يبقى السؤال الغريب…أحقًّا نحن كيلواتٌ على ميزانٍ عجيب…؟أحقًّا تُباع الكرامة وتُشترى بسعرٍ رخيصٍ غريب…؟

يا سادة… نحن بشرٌ لا ثمار…وأرواحٌ لا أكياس ولا جرار…دعوا الجوافة في أشجارها…ولا تجعلوها مقياس أعمارنا وأقدارنا…

وإن كان لا بدّ من السخرية… فلنضحك حتى لا نبكي…ولنهتف بقلوبٍ حيةٍ لا تشقى ولا تشكو…يعيش الشعب… وتعيش الجوافة…ونحن نعيش… إن كان معنا كيلوان يكفونا…فهذا هو سترا… قبل أن يغفلنا أصحاب الجوافة ويسحقونا…

و أعلموا...من وزن الناس بالثمار…خسر العمر والأقدار…

في زمنٍ تبدّلت فيه القيم… وانقلبت فيه الموازين…صار الإنسان لا يُعرف بعلمه ولا بخلقه ولا بيقينه…بل بما في جعبته من جوافة… وما على كتفه من كيلواتٍ متينة…

الجوافة صارت دستورًا للأرواح… وميزانًا للمراتب والمقام…من زاد حمله علت منزلته… ومن نقص كيله هبط قدره…لم تعد البطاقة هويةً ولا رقمًا قوميًّا…بل ورقة صفراء عليها نجومٌ تُمنح كل خمسة كيلوات…
تُعطيك حق الزواج… أو تحرمك حتى من حق السؤال…

الاقتصاد تبدّل… لم تعد البنوك تُحصي الأوراق ولا المعادن…بل غدت المخازن خزائن الثمار… والتضخم يُقاس بعدد الأوراق الساقطة من الأغصان…الأسعار موجٌ مضطرب…ترتفع إن هبّت الرياح… وتهبط إن أزهر الغصنُ ومال بالثمر الذى يسقط بارتياح…

أما التعليم فصار سوقًا للكيلوات…الطالب المتفوق من يُرضي أستاذه بسلةٍ ممتلئة…
والشهادات العليا ألقاب غريبة…ماجستير في التقشير… دكتوراه في التخزين والتخمير…

والعمل لم يعد حرفةً ولا مهارة…بل سباق أكتاف وأذرع قادرة…والموظف المثالي من يحمل الكيلوات بلا كسرٍ ولا فتور…ويمضي ثابتًا على قارعة الإدارة كأنه بطلٌ جسور…

أما الحب فصار قشرةً لامعة…والصداقة كيسًا في ساعةٍ ضائعة…
والطلاق جملةً عابرة… "خُذ الجوافة واتركني"…
وكأنها نهاية حكاية باردة…ساذجة… خاسرة…

حتى الصحة لم تسلم…
فالطبيب لا يستمع لأنينك إلا بعد أن تضع أمامه وزنك جوافةً وكيسا…
والعملية لها تسعيرة بالكيلوات…أما النفس الكسيرة فدواؤها وصفة مأثورة…"اخلط كيلوين… وأشرب كأسين… على الهموم المشؤومة"…

الإعلام يُقاس بالكيلو… والرياضة صارت حمل سلال…الجماهير تصرخ… "هات كيلو… هات كيلو!" في كل مجال…وفي الفن تُغنّى الألحان على نغمة الجوافة…وتُكتب الروايات عن أكياسها الخالية…

مشاهدٌ من عالم الجوافة العجيبة…مريضٌ يُطرد من باب المستشفى لأنه بلا ثمار…عريسٌ يفاخر خطيبته بكيلو "بلدي" نادر… لا مستورد ولا مغشوش ولا مُستعار…
وسياسيٌّ يقسم أن الكيلو سيهبط إلى خمسة جنيهات…فيفوز بالأغلبية الساحقة… كأنه منقذ المعجزات…

وفي النهاية يبقى السؤال الغريب…أحقًّا نحن كيلواتٌ على ميزانٍ عجيب…؟أحقًّا تُباع الكرامة وتُشترى بسعرٍ رخيصٍ غريب…؟

يا سادة… نحن بشرٌ لا ثمار…وأرواحٌ لا أكياس ولا جرار…دعوا الجوافة في أشجارها…ولا تجعلوها مقياس أعمارنا وأقدارنا…

وإن كان لا بدّ من السخرية… فلنضحك حتى لا نبكي…ولنهتف بقلوبٍ حيةٍ لا تشقى ولا تشكو…يعيش الشعب… وتعيش الجوافة…ونحن نعيش… إن كان معنا كيلوان يكفونا…فهذا هو سترا… قبل أن يغفلنا أصحاب الجوافة ويسحقونا…

و أعلموا...من وزن الناس بالثمار…خسر العمر والأقدار…




تم نسخ الرابط