الجمعة 26 سبتمبر 2025 الموافق 04 ربيع الثاني 1447

أحمد البري يكتب: موسم الترقيات..أفراح وأحزان (الأخير)

1635
أحمد البري
أحمد البري

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ…بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
(من أشعار أبو الطيب المتنبي) 
التجديد هو سُنّة كونية وفريضة إدارية، إن توقف الماء عن الجريان وتمكن منه الركود تحول مع الوقت إلى مَاءٌ آسِنٌ متغير اللون والطعم والرائحة، كذلك الأساليب والمنهجية المتبعة داخل المنظمات الإدارية إن تمكن منها الجمود وصار حاضرها مثل ماضيها، فقد لا يكون لها مستقبل 
وما ذكرناه خلال الجزء السابق من نقد لمعايير الترقي المتبعة داخل أغلب الشركات الحكومية لا يعني أن إصلاح تلك المعايير يأتي من العدم، بل هو عملية تطوير لتلك المعايير لتصبح أكثر فاعلية في ترقية الكفاءات مقارنة بالنظام الحالي، والنظامالممكن تطبيقه هو نظام المفاضلة بين المرشحين للمناصب الإشرافية على أساس النقاط وخلال السطور التالية سوف أحاول تقديم شرح مبسط لهذا النظام

يتم تكوين لجنة من ثلاثة إلى خمسة أعضاء من مدراء الشركة، ممن يَشْهَدُ لهم بالكفاءة و النزاهة و الحيادية تجاه العاملين ، ويتلخص دور هذه اللجنة في اختيار المرشحين لشغل الوظائف الإشرافية من خلال إجراء المقابلات الشخصية بالإضافة إلى احتساب و مراجعة إجمالي النقاط التي يحصل عليها كل مرشح وذلك وفقاً لمعايير محددة سلفاً مثل تقييم الأداء الوظيفي، والمبادرات والإنجازات التي حققها المرشح، المؤهلات العلمية وبرامج التدريب والتطوير التي حصل عليها، نتائج الاختبارات التحريرية إن وجدت ،و يتم تنظيم تلك الإجراءات بالتنسيق مع إدارة الموارد البشرية والتي ينوط بها تحديد الخبرة التخصصية اللازمة لشغل تلك الوظيفة بالإضافة إلى أي اشتراطات أخرى ترتبط بطبيعة العمل الوظيفي 

وهنا نلقي الضوء على معيارين كنا قد ذكرناهم خلال المقالة السابقة، وهو تقييم الأداء الوظيفي، ورؤية أو اختيار المدير،بالنسبة للنقطة الأولى ينبغي على إدارة الموارد البشرية داخل كل شركة أن تقوم بإعداد نماذج تقييم أداء أكثر حداثة وفاعليةمن النماذج المطبقة حالياً، ومثلما ذكرت سابقا فإن هذا الحقل المعرفي الإداري "تقييم الأداء" هو حقل متنوع الثمار، ويكفيلأي مهتم بهذا المجال أن يبحث عنه من خلال "الانترنت" وسوفيدرك مدى رجعية تلك النماذج المتبعة داخل بعض الشركات

بالنسبة للنقطة الثانية "رؤية أو اختيار المدير " فإن هذا المعيار قد تسبب بشكل أو بأخر في عرقلة ترقي الكثير من العاملين وذلك لأسباب عدة و لكن من أهم تلك الأسباب أن الضمائر أحيانا تحتمل التأويل، لكن النظام المشار إليه في هذا المقال و المعروف ب نظام المفاضلة بين المرشحين على أساس النقاط، يجعل من المدير حكماً من ضمن مجموعة متنوعة من الحكام بمعنى أنه إذا كان الموظف غير كفوء و المدير يرى أنه لا يصلح، فقد تميل كفة النقاط لإثبات رؤية المدير، أما إذا كان المدير من ذوي الأهواء و الموظف بالفعل يستحق الترقية فقد تدعمه تنوع المعايير التي يتضمنها نظام النقاط  

لكن هل هذا النظام مستحدث؟ وهل تطبيقه سوف يضمن ترقية العاملين ذوي الكفاءة؟
بالنسبة للتساؤل الأول، نظام النقاط يعتبر قديم نسبياً ومطبقداخل مصر في بعض الهيئات والقطاعات الحكومية، لكنة بالتأكيد أكثر حداثة من النظام المطبق حالياً داخل أغلب شركات القطاع، ويفترض في حال وجود إرادة التطوير الإداري، أن يسير ذلك التطوير في شكل خطوات متأنية،متجنباً القفز بين مرحلة و أخرى، أما عن ضمان ترقية الأكفاء فهو كأي نظام، إن حسنت مدخلاته أرتفع معها كفاءة المخرجات، بمعنى أنه حال انتقاء أعضاء لجنة الترقي من بين مدراء يتميزوا بالنزاهة و الكفاءة و الحيادية تجاه العاملين، إلى جانب تطوير معايير الترقي لتصبح أكثر حداثة و مصداقية و قابلة للقياس ، فمن الطبيعي أن تكون النتائج أفضل من الوضع الحالي هذا إلى جانب تخفيف حدة معركة التملق و صراع المحسوبية الذي نشهده كل عام

وفي الخاتمة :
أود القول أن عملية التطوير الإداري و ما يشملها من أهميةانتقاء مدراء اليوم  و قادة المستقبل لا يمكن اعتبارها اختيارا تملك فيه الشركات رفاهية الرفض أو القبول، إنما، و مع اتجاه الدولة بكل ثقلها نحو اقتصاد السوق الحر بكل تعقيداته، صارت الربحية و زيادة الإنتاج و كفاءة التشغيل أهداف رئيسية لا يمكن الحياد عنها، و تحقيق تلك الأهداف مجتمعة يبدأ بتطبيق أساليب الإدارة الحديثة و أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب




تم نسخ الرابط