مجرد رأي..بطالة القيادات
من افظع المشاكل التي تضرب اي مجتمع هي انتشار البطالة بين جنباته . فهذه المشكلة تمثل مرض عويص تصيب جسده و تؤدي الى عواقب وخيمة . البطالة في معناها وتعريفها العلمي : هو وجود فائض كبير من القادرين على العمل بدون وجود فرص حقيقية تسمح لهم بأن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي . واذا ادركنا ان العمل هو طبيعة غريزية في اي انسان ففقدانها يعني الكثير من الامراض والتشوهات النفسية لهؤلاء الغير قادرين على اثبات ذاتهم وتحقيق تطلعاتهم المادية المكفولة لهم في الدستور .
وتتفاوت اهمية العمل و درجته من فئة لأخرى ومستوى لأخر . فمنهم من تكون غايته اي عمل بدني يدر عليه بعض المال يسد به جوعه بينما هناك اخرين يتطلعون الى فرصة التميز والوثوب لأعلى بأفكارهم واختراعاتهم .
هكذا تتباين رؤى الناس وتطلعاتها ومبتغاهم في الحياة . واذا كانت هذه النظرة العامة على هذا الموضوع فأننا نأتي الى النظرة التحليلية محل هذا الموضوع وهي (بطالة القيادات ) في قطاع البترول والتي نناقشها في ضوء التعريفات السالف ذكرها . فنحن على موعد كل عام مع حركة ترقيات لا اول لها ولا اخر من الوظائف العليا ، منهم من يستحقها بالفعل ومنهم من تأتيه إرثا . وبالتأكيد ضمن هذه يوجد الالف من المميزين الذين يستطيعون استكمال مسيرة السلم الوظيفي الراقي . ولكن عندما تري ان كافة اماكن القيادات الفاعلة بالشركات وهي خاوية على عروشها تظهر (بطالة القيادات) بشكل واضح بل و مستشرياً بشكل مثير للدهشة.
الكارثة الحقيقية لوجود مثل هذه النوعية من البطالة بعيداً عن التأثيرات النفسية والمعنوية علي العاملين المميزين هو وجود قناعة بان حجم العمل ومتطلباته لا تحتاج الى وجودهم او جهودهم ولا مردود من تكلفتهم . وجود هذه القناعة او التصور لا يوحي على الاطلاق بوجود نظرة استراتيجية محددة لتحقيق مستقبل افضل او العمل على واقع نعيشه ونعاني فيه . هذا اقرار خطير بأن القطاع لم يعد لديه القدرة علي احتواء او استخدام مزيد من القيادات ،وهذا يعني اننا وصلنا الي نقطة آنيه ليس لها تعريف نعلن فيها ان ليس في الامكان ابدع مما كان .
اسئلة خطيرة ستثور واراء متضاربه سوف تظهر بكل تأكيد ولكن في النهاية الواقع يؤكد على اعلان هدنة طويلة مع مشاكل عاتية يعانيها القطاع وتعلن أيضاً ان حجم نشاطه ليس عند مستوى ما يأمله الناس فيه او ما يتطلعون اليه كسند لهذه الدولة الكبيرة ويعمق وجود انطباع عام بعدم وجود استراتيجيات بعيدة المدي للحفاظ على مقدرات هذ القطاع الهام واستدامته . الموضوع بهذا الشكل يخرج من شكله الاداري المعتاد و من مجرد اصدار حركة لوضع اسماء هنا او هناك، الى ترسيخ توجه في غاية الخطورة و فلسفة عمل مضمونها اقرار بواقع ترفع فيه راية الاستسلام .و بهذا نكون قد دخلنا في منطقة حرجة لا احد بقبل فيها الاستسلام و فيها ابعاد ومتغيرات لن ندرك عمق خطورتها وتأثيراتها الا بعد فوات الاوان . والسلام ،،
#سقراط