مجرد رأي..الكشف عن المسؤول في أزمة البنزين

أخيرًا، وبعد تحقيقات مستفيضة وغموضٍ لفّ أبعاد مشكلة فساد البنزين، وبعد صدور أوامر عليا بمحاسبة المسؤولين عن هذه الأزمة التي هزّت الرأي العام، تم الكشف عن المسؤول الحقيقي الذي يقف خلفها، والذي كان السبب المباشر في وقوعها.
والمسؤول – بحسب التصريحات الرسمية – هو عنصر الكبريت، وهو مركب كيميائي ضار يدخل في تكوين بعض أنواع الخام أو النفط، وقد استخدمته إحدى معامل التكرير التابعة للقطاع الخاص، ما نتج عنه شحنة فاسدة من البنزين.
هكذا كان تصريح رئيس الوزراء، وهو بالطبع يستند إلى معلومات من الوزارة المعنية.
ولمن لا يعرف، فإن مصر لا تنتج خامًا يحتوي على نسب عالية من الكبريت بكثرة، بل يتركز إنتاجه بشكل محدود جدًا في أحد حقول الصحراء الشرقية أو بعض حقول الصحراء الغربية، وتقوم تسهيلات هذه الحقول بمعالجته قبل شحنه إلى معامل التكرير.
أما الخام ذو نسبة الكبريت العالية، فيتركز في نفط دولتي العراق والكويت. وقد كنا نستورد هذا النوع من الخام سابقًا من الكويت لاستخدامه في مصانع الحديد والصلب بسبب رخص ثمنه.
ولكن الملاحظة الغريبة أن الكبريت عادةً لا يؤثر على مضخات البنزين في السيارات، بل يؤدي إلى تلف نظام الإشعال وغرف الاحتراق في المحركات عند استخدامه لفترات طويلة. وسابقًا، كان البنزين يحتوي على مركبات الرصاص، ومع ذلك لم يكن يؤثر على مضخات البنزين.
وإذا كان هذا الخام قد تم استيراده من إحدى هاتين الدولتين، فكيف دخل أي خام مستورد إلى البلاد دون رقابة من هيئة البترول، ودون معرفة كيفية استخدامه؟
وكيف يُسمح لمنتج نهائي بالخروج إلى الأسواق دون تفتيش أو شهادة جودة؟
إن تحديد الفاعل بهذه الطريقة لا يُدين شخصًا بعينه، بل يُدين منظومة كاملة. ويفتح الباب لوضع المسؤولية التضامنية والسياسية على كبار قيادات هيئة البترول أمام الرأي العام.
بل ويجب أيضًا تحديد اسم معمل التكرير المسؤول، حتى يتمكن المتضررون من مقاضاته عما تسبب لهم من أضرار.
إن الكبريت، هذا “الفاعل المجهول” الذي كنا نبحث عنه، يملك – للأسف – أدلة قوية للدفاع عن نفسه. وأولها شهادة مضخات البنزين المعطّلة: هل أصابها العطب من الكبريت؟ أم من المياه والشوائب؟
الرغبة في إغلاق الملف بسرعة، بتوقيع غرامة أو عقوبة على معمل تكرير تابع للقطاع الخاص، لم تكن أبدًا هي تعليمات الرئيس الواضحة. والسلام،،
#سقراط